وجل: (يجادلنا في قوم لوط) فأتوا لوطا وهو في زراعة له قرب المدينة فسلموا عليه وهم معتمون فلما رآهم رأى هيئة حسنة عليهم عمائم بيض وثياب بيض فقال لهم: المنزل، فقالوا: نعم فتقدمهم ومشوا خلفه فندم على عرضه عليهم المنزل وقال: أي شيء صنعت آتي بهم قومي وأنا أعرفهم؟
فالتفت إليهم فقال: إنكم تأتون شرار خلق الله وقد قال جبرئيل (عليه السلام): لا نعجل عليهم حتى يشهد ثلاث شهادات، فقال جبرئيل (عليه السلام) هذه واحدة ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم فقال: إنكم تأتون شرار خلق الله، فقال جبرئيل (عليه السلام) هذه اثنتان، ثم مضى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال: إنكم تأتون شرار خلق الله، فقال جبرئيل (عليه السلام): هذه ثالثة ثم دخل ودخلوا معه، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح وصعقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان أقبلوا يهرعون إلى الباب فنزلت إليهم فقالت عنده قوم ما رأيت قط أحسن منهم هيئة، فجاؤوا إلى الباب ليدخلوها فلما رآهم لوط قام إليهم فقال: (يا قوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد) فقال (عليهم السلام) (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) فدعاهم إلى الحلال فقالوا: (لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد)، فقال: (لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) فقال جبرئيل (عليه السلام) لو يعلم أي قوة له، فكاثروه حتى دخلوا البيت قال: فصاح به جبرئيل يا لوط دعهم يدخلون فلما دخلوا أهوى جبرئيل بأصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قوله: (فطمسنا أعينهم) ثم نادى جبرئيل فقال: (إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل) وقال له جبرئيل: إنا بعثنا في إهلاكهم فقال: يا جبرئيل عجل فقال: (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب)، قال: فأمره فتحمل ومن معه إلا امرأته قال: ثم اقتلعها جبرئيل بجناحيه من سبع أرضين ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها وامطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل.
* الشرح:
قوله: (نكرهم وأوجس منهم خيفة) نكره وأنكره واستنكره بمعنى أي استنكر عليه السلام عدم مد أيديهم إلى العجل وترك تناولهم وأدرك في نفسه خوفا منهم وخاف أن يريدوا به مكروها لأنه كان من عادة العدو أن لا يأكل طعام من يريد إضراره (فبشرها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب) ليس هذا لفظ القرآن إذ فيه فبشرناها ويعقوب إما بالفتح عطف على إسحاق وفتحته للجر لأنه غير منصرف إلا أنه وقع الظرف بين المتعاطفين أو بالرفع على أنه مبتدء خبره محذوف، أي ويعقوب مولود من وراء إسحق كما صرح به صاحب الكشاف وغيره ويفهم البشارة به أيضا يجعل الجملة حالا، ولا يلزم منه كونه يعقوب مولودا حين البشارة لأن اللازم منه أن يكون مضمون الجملة مقارنا لها وهو أن يكون يعقوب من وراء إسحق فإن قل لا يفهم على التقديرين أن يعقوب من صلب إبراهيم