بعضهم إلى بعض، والسيور: حلة فيها خطوط من إبريسم من السير وهو القد، ويحتمل أن يراد بها:
الحصر المدنية أيضا لأنها كانت تنسج من السيور وهي ما يقدمن الجلد المدبوغ وهذا صريح في أن الصلح وقع على أن يرد المسلمون إلى الكفار من جاء من الكفار مسلما إليهم وأن لا يرد الكفار إلى المسلمين من ذهب من المسلمين إليهم ومثله ما نقل من طرق العامة عن ابن عباس، قال: لما وقع صلح الحديبية تضمن أن من جاء منهم إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرد عليهم ومن أتاهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يرد ولذلك رد أبو جندل وكأنه جاء بعد وقوع الصلح وقدمت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد ختم الكلام فقدم زوجها وهو كافر فقال: يا محمد أردد علي امرأتي فإنك شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف، وكذلك جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وجاء وليها وطلب ردها لمكان الشرط فنزل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار - الآية) فنسخ الشرط في النساء هذا بناء على أن الشرط كان شاملا صريحا لرد الرجال والنساء جميعا وقد صرح بشموله بعض العامة وقال بعضهم: الشرط إنما كان في رد الرجال دون النساء وعلى هذا فلا نسخ بل هو بيان للحكم وتأكيد، وقيل: كان الشرط مجملا من غير تفصيل وبه صرح بعض أصحابنا فإنه قال: وجب الوفاء بما تضمنه عقد الصلح من الشروط الصحيحة لا الفاسدة وصلح الحديبية وأن تضمن رد من أتانا منهم لكنه مطلق قابل للتقييد بعدم الاشتمال على المفسدة، ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرد من الرجال من له عشيرة يمنعونه من الفتنة عن دينه أما من ليس له عشيرة يمنعونه فلم يرده خوفا من الفتنة وكذا لم يرد المرأة مطلقا وإن كان لها عشيرة لأنهم لا يمنعونها من التزويج بالكافر وحينئذ لا تؤمن فتنتها من زوجها فإن المرأة تأخذ من دين بعلها، قال أفصح الدين والظاهر أنه من علماء العامة في شرحه على نهج البلاغة عند قوله (عليه السلام) «ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أني لم أرد على الله ولا على رسوله شيئا قط» قيل: وفيه إيماء إلى ما كان يفعله بعض الصحابة من التسرع والاعتراض على الرسول (صلى الله عليه وآله) كما نقل عن عمر يوم الحديبية عند سطر كتاب الصلح أنه أنكر ذلك وقال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ألسنا على الحق! قال: بلى قال: أو ليسوا الكاذبين قال بلى، قال وكيف الدنية في ديننا؟ فقال (صلى الله عليه وآله) إنما أعمل بما أومر به، فقام عمر فقال لقوم من الصحابة: ألم يكن قد وعدنا بدخول مكة وها نحن قد صددنا عنها؟ ثم ينصرف بعد أن أعطينا الدنية في ديننا، والله لو وجدت أعوانا لم أعط الدنية أبدا، فقال بعضهم ويحك إلزم غرزه فوالله إنه لرسول الله وإن الله لا يضيعه، ثم قال له: أقال لك انه سيدخل مكة هذا العام؟ فقال:
لا، قال: سيدخلها، فلما فتح الله مكة أخذ مفاتيح الكعبة ودعاه فقال: هذا الذي وعدتم» هذا كلامه ومثله نقله الآبي في كتاب إكمال الإكمال وفيه دلالة على أنه لم يؤمن قلبه