هلاكهم؟ قالوا: الصبح، فقال أريد أسرع من ذلك، فقالوا: أليس الصبح بقريب وما ذكره (عليه السلام) أحسن منه لأنه يبعد من نبي الله إذا علم أن الله تعالى أراد هلاكهم وقت الصبح أن يريد وقوعه قبله (قال:
فأمره) بالخروج من القرية (فتحمل ومن معه إلا امرأته) تحمل واحتمل بمعنى انتقل وارتحل أو تحمل متاع والواو بمعنى مع فلا يلزم على الأول العطف على المرفوع المتصل بلا فصل أو تأكيد، ولا على الثاني العطف إلى المحذوف وفيه دلالة واضحة على أنه (عليه السلام) لم يخرج معه امرأته بل أخلفها مع قومها وهذا أحد القولين للمفسرين وقيل أخرجها وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلى الوراء فلما سمعت في الطريق هدة العذاب وصوت وقع الأرض التفتت إلى الخلف وقالت: يا قوماه فأدركها حجر فقتلها، فقوله تعالى إلا امرأتك على الأول بالنصب استثناء من قوله (فأسر بأهلك) وعلى الثاني بالرفع استثناء من أحد (وامطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل) حجارة كالمدر معرب «سنك گل» أو طين طبخ بنار جهنم وكتب فيه أسماء القوم، أو من سجل أي مما كتب أنهم يعذبون بها أو أصله من سجين أي من جهنم فأبدلت نونه لاما وهذه الوجوه ذكرها المفسرون وأرباب اللغة.
* الأصل:
506 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: والله للذي صنعه الحسن بن علي (عليه السلام) كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس والله لقد نزلت هذه الآية: (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتو الزكاة) إنما هي طاعة الإمام، وطلبوا القتال فلما كتب عليهم القتال مع الحسين (عليه السلام) قالوا: ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أرادوا تأخير ذلك إلى القائم (عليه السلام).
* الشرح:
قوله: (والله الذي صنعه الحسن بن علي (عليهما السلام)) وهو الصلح مع معاوية مع عدم رضاء أصحابه حتى خاطبوه بالمنكر من القول (كانت خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس) إذ به كانت نجاتهم من القتل والاستيصال وبقاء دين الحق ونسل الهاشميين والعلويين والشيعة في الأعقاب، ثم أكد ذلك مع الإشارة إلى ذم الأمة بأن الإمام إذا أمر بترك القتال طلبوه وإذا أمر بالقتال كرهوه (بقوله: والله لقد نزلت هذه الآية ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) عن القتال مع الأعداء (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) اشتغلوا بهما وبغيرهما من الطاعات والظاهر أن جواب القسم محذوف أي نزلت هذه الآية في الحث على طاعة الإمام بقرينة السياق ولدلالة قوله: (إنما هي طاعة