ورفض القبيح (فقال) بعدما علم أنهم لم يقبلوا نصحه (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) الطهر: وهو النظافة والنزاهة في المفضل محقق وفي المفضل عليه مقدر موهوم أو محقق بزعمهم ويحتمل أن يكون اسم التفضيل لمجرد أصل الفعل (فدعاهم إلى الحلال بالتزويج) قال في الكشاف: وكان تزويج المسلمات من الكفار جائزا، وقيل: المراد بالبنات نساؤهم لأن كل نبي أبو أمته من حيث الشفقة والتربية (فقالوا لقد علمت مالنا في بناتك من حق) أي من حاجة أو شهوة وإرادة وقيل هذا بناء على أنهم اتخذوا نكاح الإناث مذهبا باطلا وإتيان الذكران مذهبا حقا (وأنك لتعلم ما نريد) دل على أن عادتهم القبيحة كانت مشهورة، واعلم أنما ذكره (عليه السلام) على خلاف ترتيب هذا القرآن فكأنه نقله بالمعنى أو كان المنزل على هذا الترتيب والله يعلم (فقال لو أن لي بكم قوة) أي لو قويت عليكم بنفسي (أو آوى إلى ركن شديد) أي إلى قوي عزيز ذي قوة وشدة وبطش، شبهه بالركن من الجبل في شدته وصلابته، وجواب لو محذوف كما ذكره المفسرون، أي لدفعتكم وشددت عليكم والتمني محتمل، وقيل: أراد بالركن العشيرة جريا على سنة الناس في اعتصام الرجل منهم بعشيرته في دفع الأعداء، وقال بعض العامة: أنساه ضيق صدره من قومه اللجاء إلى الله تعالى الذي هو أشد الأركان، والحق أنه (عليه السلام) لم ينس اللجاء إلى الله تعالى في هذه القضية وإنما قال ذلك تطييبا لنفوس الأضياف وأبداء العذر لهم بحسب ما ألف في العادة من أن الدفع إنما يكون بقوة أو عشيرة وهذا محمدة عظيمة وكرم أخلاق يستحق صاحبها الحمد (فقال جبرئيل (عليه السلام) لو يعلم أي قوة له) جواب لو محذوف والتمني محتمل (فكاثروه) أي غالبوه في الكثرة فغلبوه (حتى دخلوا البيت) ومع ذل يمنعهم لوط (عليه السلام) بقدر الإمكان من أن يدخلوا البيت بيت الأضياف (فصاح به جبرئيل (عليه السلام)) بعد مشاهدة ما به من كرب (يا لوط دعهم يدخلون فلما دخلوا أهوى جبرئيل (عليه السلام) بأصبعه نحوهم فذهبت أعينهم) وعموا جميعا وقيل كان لجبرئيل (عليه السلام) في ذلك اليوم وشاح من در منظوم وهو قوله (فطمسنا أعينهم) الطمس: المحو والاستيصال، تقول: طمست الشئ: أي محوته واستأصلت أثره ورجل طميس ومطموس ذاهب البصر ولما ذهبت أعينهم خرجوا وهم لا يعرفون الطريق ويصيحون ويقولون: النجا النجا إن في بيت لوط سحرة فخاف لوط من قومه على نفسه وعلى أضيافه (فقال) جبرئيل (عليه السلام) عند ذلك بشارة له (إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) أي إلى إضرارك (فأسر بأهلك بقطع من الليل) (ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك) في القاموس، السري كالهدي: سير عامة الليل ويذكر، سرى يسري واسراره وبه وأسرى بعبده ليلا تأكيد ومعناه سيره، والقطع بالكسر:
ظلمة آخر الليل أو القطعة منه كالقطع كعنب أو من أوله إلى ثلثه (فقال يا جبرئيل عجل فقال: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) قال في الكشاف: روي أنه قال لهم متى موعد