مكانا واحدا لا يخرج منه أو من البركة: بمعنى النماء والزيادة، والمعنى على الأول: أدم عليهم الكرامة والتشريف، وعلى الثاني: زدهم تشريفا بعد تشريف وكرامة بعد كرامة (وتحنن على محمد وآل محمد) في كنز اللغة: «تحنن مهرباني كردن» (وسلم على محمد وآل محمد) أي خلصهم من الآفات الدنيوية والأخروية، وطهرهم من الأرجاس البدنية والروحانية وهم طاهرون منها، والطلب للتيمن والتبرك والتقرب بهم (كأفضل ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد) أراد أن يكون كل فرد من أفراد الصلاة على محمد (صلى الله عليه وآله)، وكذا كل فرد من أفراد ما عطف عليها كأفضل أفراد الصلاة على إبراهيم وأفضل أفراد ما عطف عليها في كونه في غاية الكمال وبالجملة للصلاة على إبراهيم أفراد متفاوتة بعضها في غاية الكمال دون بعض وأراد بالتشبيه أن يكون كل فرد من افراد الصلاة على محمد وآله كأفضل أفراد الصلاة على إبراهيم في بلوغه إلى حد الكمال، فلا يلزم منه إلحاق الناقص بالكامل بل إلحاق كل فرد من طرف المشبه بأفضل الأفراد من طرف المشبه به بل يفهم منه تفضيله (صلى الله عليه وآله) على إبراهيم (عليه السلام) وتفضيل صلاته على صلاته وعليه فقس فليتأمل (اللهم أعط محمدا الوسيلة) في كنز اللغة الوسيلة:
«دست آويز وهر چه باو نزديكى جويند بچيزى» والوسيلة أيضا: أعلى درجات الجنة ونهاية القرب، وأيضا: المنبر يوضع يوم القيامة له ألف مرقاة كما مر وهذه الأمور التي طلبها له (صلى الله عليه وآله) كلها حاصلة له وليس الغرض من طلبها طلب حصولها له لاستحالة تحصيل الحاصل بل الغرض منه إظهار الشعف والسرور بحصولها له وطلب التقرب منه بذكر فضائله والرضا بها (وأوجههم عندك يوم القيامة جاها) أي أفضلهم وأكرمهم والوجه سيد القوم والجاه القدر والمنزلة (وحباء السلام) حبى فلانا أعطاه والاسم الحباء ككتاب (وألحقنا به غير خزايا) خزى يخزي خزاية بالفتح استحيى فهو خزيان، والجمع خزايا والمخزية على صيغة فاعل من أخزى: الخصلة الذميمة أي غير مستحيين منه بالمخزية من الأفعال والأخلاق (ولا ناكثين) أي غير ناقضين لعهده وعادلين عن طريقة (ولا نادمين) عن قبايح أعمالنا والسلب باعتبار انتفاء الموضوع (ولا مبدلين) لأحكامه وشرائعه وآدابه أوله بغيره (إله الحق آمين) في المصباح آمين بالقصر في الحجاز والمد بإشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على فاعيل ومعناه «اللهم استجب» وقيل: معناه كذلك يكون والموجود في مشاهير الأصول المعتمدة أن التشديد خطأ وقال بعضهم التشديد لغة وهو وهم قديم وذلك أن أبا العباس أحمد بن يحيى قال «وآمين مثل عاصين» أن المراد صيغة الجمع لأنه قابله بالجمع وهو مردود بقول ابن جنى وغيره أن المراد موازنة اللفظ اللفظ لاغير ويؤيده قول صاحب التمثيل في الفصيح والتشديد خطأ.
(ثم جلس قليلا) الجلوس بين الخطبتين واجب للتأسى ولدلالة الروايات المعتبرة عليه