الموت فإنه يحضر المؤمن ويبشره بكرامة الله ورحمته ويخبره بمآل حاله في الجنة كما دلت عليه الروايات.
* الأصل:
196 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحجال، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خالط الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم».
* الشرح:
قوله (خالط الناس تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم) خبرت الشيء أخبره من باب قتل خبرا: علمته وأنا خبير، والخبرة: معرفة بواطن الأمور. والقلي بالكسر والقصر وبالفتح والمد: البغض، قلاه، يقليه:
أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه وقليه كرضيه يقلاه لغة طي والمعنى: خالط الناس وجربهم فإنك إن خالطتهم وجربتهم تخبرهم: أي تعرف مآل حالهم في الآخرة وانهماكهم في تحصيل الدنيا وجمع زخارفها وخبث عقايدهم وسوء أخلاقهم وكمال بعدهم عن ذكر الله تعالى، ومتى تخبرهم وتعرفهم بهذه الخصائل الذميمة تقلهم، يعني: تبغضهم أشد بغض ولا تحبهم، وهذا في اللفظ أمر وفي المعنى خبر أي من خالطهم أبغضهم وتركهم قال السيد رضى الدين في نهج البلاغة قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «تخبره تقله» ثم قال: وروى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: قال المأمون: لولا أن عليا (عليه السلام) قال «أخبره تقله» لقلت أنا: أقله تخبر قال بعض الشارحين حمل مأمون أخبر على معنى اختبر أي تبغضه تختبره ولكل وجه فإن من اختبر من لا يحصل مرامه منه يبغضه ومن أبغض آخر يختبره ومن الناس من روى هذا لرسول (صلى الله عليه وآله) ومما يقوى أنه من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي.
* الأصل:
197 - سهل، عن بكر بن صالح رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الاسلام أصل.
* الشرح:
قوله (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) قيل: إنما جعلوا كالمعادن لما فيهم من الاستعدادات المتفاوتة، فمنهم قابل لفيض الله تعالى على مراتب المعادن، ومنهم غير قابل لها وقيل: لأن فيهم مبدأ الإيمان والكفران وأصل الطاعة والعصيان وغير ذلك من الخيرات والشرور وهي فيه كالنخلة في النواة والنار في الحجر، كما أن في المعادن ذهب وفضة وجيد ورديء، يظهر كل بالتمحيص والتجربة والامتحان وإلى ذلك أشار بقوله (فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الإسلام أصل) أصل كل شيء ما يستند إليه ذلك الشيء، كالأب للولد والعرق للشجر، والنهر للجدول، ولعل المراد أن من له في علم الله أصل الإيمان ومادته في الجاهلية فله ذلك بعد