(والتقرب إليه بكل ما فيه الرضا) الظاهر أنه متعلق بالتقرب فيدل على أن كل ما فيه رضاه تعالى هو سبب للتقرب إليه لكن بشرط مقاربته للخلوص بل الخلوص داخل فيه لأنه في نفسه سبب للتقرب وشرط لاعتبار سائر ما يتقرب به ولا يكون في غيره رضاه تعالى حتى يقترن به ثم حرض على ما ذكر بقوله (فإنه قريب مجيب) كما قال عز وجل: (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) وذلك لأن العاقل إذا علم أنه قريب مجيب بعثه هذا العلم على السعي في العمل والاجتهاد فيه ثم أشار إلى أنه لابد للعامل من سلب الحول والقوة عن نفسه والتمسك بحول الله وقوته ولطفه وتوفيقه في جميع الأمور بقوله (جعلنا الله وإياكم ممن يعمل بمحابه ويجتنب سخطه) والمراد بهذا الجعل صرف وجوه توفيقاته وألطافه وهداياه الخاصة التي لأوليائه إلينا والعبد بعد توجهه إلى الخيرات يستحق لهذه الفيوضات والمحاب: اسم مفعول بمعنى المحبوب في لغة هذيل، والمراد بسخطه: موجباته وهي ما يقتضي عقوبته (ثم أن أحسن القصص) أي: أحسن الخبر والحديث المنقول على وجهه ولزوم متابعته يقال: قصصت الخبر قصا من باب فتل أي حدثته على وجهه والاسم القصص بفتحتين وقصصت الأثر تتبعته (وأبلغ الموعظة) أي أكملها البالغ غاية الكمال أو غاية الفصاحة والبلاغة، والموعظة كما مر كلام مشتمل على زجر وتخويف وحمل على طاعة الله تعالى على وجه يرق له القلب (وأنفع التذكر) أي تذكر أمر الآخرة ودوام ثوابها وعقابها وعظمة شدايدها وأمر الدنيا وسرعة زوالها وفناء نعيمها وشوب زهراتها بمصيباتها وتحولاتها.
(كتاب الله تعالي) وهو الوافي بجميع ذلك لمن تفكر، والكافي لمن تأمل وتذكر، لم يترك شيئا مما ينبغي وما لا ينبغي من أمر الدنيا والآخرة (وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) أمر بالاستماع لينتقل إلى المقصود وبالانصات لئلا يشتغل القلب بغيره وجعل الغاية رجاء نيل الرحمة التي هي غاية أمنية العابدين (والعصر) أقسم بالعصر وهو الدهر الذي من أعظم آثار قدرته الجديد ان أو ما بعد الزوال إلى الغروب أو آخر ساعة من النهار أو صلاة العصر أو عصر النبوة على اختلاف المفسرين وجواب القسم قوله (إن الإنسان لفي خسر) في أعمالهم وصرف أعمارهم واللام للاستغراق والتنكير للتعظيم.
(إلا الذين آمنوا) بالله ورسوله واليوم الآخر (وعملوا الصالحات) فنجوا بهذين الوصفين عن الخسران واستحقوا للسعادة والكرامة والإحسان (وتواصوا بالحق) أي أوصى بعضهم بعضا وأمر كل واحد الآخر بالحق من العقد والعمل والصبر على أخذه ومشقة تحمله أو على مصائب الدنيا ونوائبها أو عن المعصية والتقحم فيها، هذا وقد قرأ (عليه السلام) سورة كاملة في الخطبة الأولى ولم يقرأ شيئا في الثانية والمشهور أنه لابد فيها أيضا من سورة كاملة، واكتفى بعض الأصحاب بالآية التام الفائدة والاحتياط ظاهر (وبارك على محمد وآل محمد) بارك: إما من بروك البعير إذا استناخ ولزم