شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٢٤
نفسه عن التقصير وخوف العاقبة وربما يؤدي ذلك إلى اليأس من روح الله ورحمته نهاه عنه بقوله:
(ولا تيأس من روحي) فإن اليأس من غير المتيقظ منه كبيرة وكفر فكيف من المتيقظ.
(وسبحني مع من يسبحني) التسبيح: التقديس والتنزيه يقال سبحت الله أي نزهته عما يقول الجاحدون، وقد يكون بمعنى الذكر والصلاة يقال: فلان يسبح الله أي يذكره بأسمائه ويسبح على راحلته أي يصلي ويكون أيضا بمعنى التحميد (وبطيب الكلام فقدسني) أي طهرني عن النقايص والمعايب، والقدس بالضم وبضمتين: الطهر والتنزه.
(يا عيسى كيف يكفر العباد بي ونواصيهم بيدي وتقلبهم في أرضي) كأنه كناية عن كمال القدرة والاستيلاء عليهم فلا يجدون مهربا والكفر شامل لكفر الجحود وكفر النعمة وكفر المخالفة، وكيف للإنكار والتوبيخ.
(يجهلون نعمتي) الظاهرة والباطنة (ويتولون عدوي) شياطين الجن والإنس والنفس الأمارة (وكذلك يهلك الكافرون) إشارة إلى أن جهل نعمته وتولي غيره أمر مشترك بين الكفرة كلهم على تفاوت مللهم واختلاف درجاتهم.
(يا عيسى إن الدنيا سجن ضيق منتن الريح) الظاهر أن الحمل من باب الحقيقة لأن الدنيا محبس لآدم وأولاده خصوصا للأولياء ضيقة بالنسبة إلى الآخرة منتن الريح يجد ريح نتنه العارفون فلذلك يتنفرون منها كتنفرهم من الميتة، ويحتمل أن يكون من باب التشبيه بحذف أداته مثل زيد أسد، بحمل السجن على المعروف عند الناس.
(وحسن فيها ما قد ترى) من نعمائها الرائقة وزهراتها الرائعة وثمراتها الفايقة (مما قد تذابح عليها الجبارون) أي ذبح بعضهم بعضا لأخذ ما في يده من أمتعة الدنيا ونعيمها وإذا كانت حال الدنيا الضيقة المنتنة هذه فكيف حال الجنة التي لا يحيط بوصف نعيمها دائرة البيان ولا يبلغ أدنى أوصافها جواد اللسان، دار بناها رحمة رب العالمين وأعدها للمتقين، هذا بحسب ظاهر النظر وأول الفكر وإلا فلو نظرت إليهما بعين اليقين وفكرت فيهما بالفكر المتين وجدت أن ليس بين متاع الدنيا ومتاع الجنة إلا نسبة وهمية.
ولما كان المقصود من هذا البيان الثاني هو التحذير عن الدنيا والتحريك إلى الآخرة قال: (وإياك والدنيا فكل نعيمها يزول وما نعيمها إلا قليل) تحذير عن الدنيا والركون إليها وصرف العمر في تحصيلها لأن نعيمها قليل يزول والعاقل لا يركن إلا القليل الزايل لأجل أنه زايل فكيف إذا كان سببا لزوال الكثير الباقي.
(يا عيسى ابغني عند وسادك تجدني) إشارة إلى قربه من كل أحد في كل زمان ومكان أو إلى طلب العبادة في زمان الغفلة وحث على ترك النوم (وادعني وأنت لي محب) محبته تعالى دون غيره من أصول شرايط الدعاء، ومن لوازم تلك المحبة الانقطاع من الغير إليه وتعلق القلب به والتضرع بين يديه وطلب القرب منه والاعتماد عليه.
فإني أسمع السامعين (استجيب للداعين إذا دعوني) ترغيب في طلب الخيرات والمرغوبات كلها منه تعالى والتيقن بحصولها لأن عدم
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557