شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١١٣
(واذكرني بالصالحات) من الأذكار والأعمال والأخلاق (حتى أذكرك) بالثواب والجزاء والخير عند المقربين وهذا من لطف الله تعالى حيث أنه مع غناه يقابل ذكرك له بذكره لك (يا عيسى تب إلي بعد الذنب) الذنب يزول بالتوبة كما يزول الظلمة بالنور والغبار بالمطر (وذكر بي الأوابين) أي ذكرهم بذاتي وعظمتي أو برحمتي ومغفرتي والأول أولى لأنه تعالى بذاته يستحق الرجوع إليه، والأواب للمبالغة من آب إذا رجع ولعل المراد به كثير التوبة وهو الذي متى أذنب يتذكر ويتوب بعده (وأمن بي) أما من الأمن أي آمنهم بقبول التوبة لئلا يقنطوا بكثرة الذنوب من الرحمة أو من الإيمان والمراد به الإيمان الكامل.
(وتقرب إلى المؤمنين) بالنصح وحسن الخلق والمعاشرة والمحبة والتقرب إليهم تقرب إلى الله تعالى (ومرهم أن يدعوني معك) أي كما تدعوني أو المراد به الاجتماع وهو مطلوب في الدعاء لكونه أقرب إلى الإجابة (وإياك ودعوة المظلوم) تنفير عن الظلم وتحذير من دعاء المظلوم فإنه مستجاب كما قال.
(فإني آليت على نفسي أن أفتح لها بابا من السماء بالقبول) يحتمل أن يراد بالباب ظاهره وأن يراد به باب سماء الجود والغضب فإن قبول دعاء المظلوم جود بالنسبة إليه وغضب بالنسبة إلى الظالم وقد فسر بذلك بعض المحققين قوله تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر).
(وأن أجيبه ولو بعد حين) لعل تأخير الإجابة لمصلحة كاستدراج الظالم باقتداره أو رجوعه عن الظلم وتبعته بإرضاء المظلوم أو تعظيم أجر المظلوم بالصبر أو غير ذلك.
(يا عيسى اعلم أن صاحب السوء يعدي وقرين السوء يردي) عدى عليه ظلمه كأعدى، وروي بالكسر يردي: هلك وأرداه غيره، والسوء بالفتح مصدر ساء سوءا ومساءة: فعل به ما يكره ويقبح، وبالضم اسم منه يعني «بد وبدى» وهذا في المعنى نهي عن مصاحبة أصحاب المعاصي وأرباب القبائح لأن صحبتهم مضلة مغوية ومجالستهم مهلكة مردية، ولما كان الإنسان يحتاج في نظام الدنيا والدين إلى الناصر والمعين أمر باختياره بعد اختباره بقوله (فاعلم من تقارن واختر لنفسك إخوانا من المؤمنين) المراد بهم من يذكر الله رؤيته ويزيد في العلم منطقه ويرغب في الآخرة عمله.
(يا عيسى تب إلي فإني لا يتعاظمني ذنب أن أغفره) تعاظمه الأمر عظم عليه وأعجزه أمره بأن يتوب عن الذنب ويرجع إليه ولا يقنط من الرحمة فإن الذنب وإن كان عظيما في نفسه فهو حقير في جنب رحمته.
(اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل) المهلة: المدة. والتأخير يقال: في الأمر مهلة أي تأخير أمره بالعمل في مدة العمر قبل حلول الموت فإنه لا عمل بعده (واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون) في الدنيا أراد به يوم القيامة وطوله بالنسبة إلى الظالمين والكافرين وأما بالنسبة إلى خلص المؤمنين فقد يكون بمقدار زمان صلاة مكتوبة في الدنيا وأمره بالعبادة لذلك اليوم للخلاص من أهواله إذ العبادة الخالصة رأس مال لأرباب النجاة فيه من شدائده وسيجئ إن شاء الله
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557