شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ١٣٥
أي بمنزلة المربي والمتمم له باعتقاد النقصان فيه، وهذا قريب مما روي «أن من خصال العاقل أن يرى الناس كلهم خيرا منه وأنه شرهم في نفسه».
(فكن فيها زاهدا، ولا ترغب فيها فتعطب) أصل الرغبة فيها سبب للرغبة عن الآخرة خصوصا إذا كانت الرغبة مع لوازمها مثل صرف العمر فيما لا يعني، وتشتت القلب وقساوته وطول الأمل والغفلة عن الحق وغيرها من الرذائل اللازمة للدنيا، وكل ذلك يوجب العطب وخسران الأبد.
(يا عيسى اعقل وتفكر) العقل: الإدراك، تقول: عقلت الشيء عقلا من باب ضرب إذا أدركته وتدبرته، ومن باب تعب لغة، ثم أطلق على المدرك بالكسر، ولهذا قال بعض الناس: العقل غريزة يتهيأ به الإنسان إلى فهم الخطاب. والتفكر تردد القلب بالنظر والتدبر والرؤية لطلب معرفة الشيء أوله وآخره وحسنه وقبحه ونفعه وضره وخيره وشره.
(وانظر في نواحي الأرض كيف كان عاقبة الظالمين) أمر بالعبرة من أحوال الظالمين حيث كانوا في جنات وعيون وزروع ومقام كريم مع أنصار وأولاد وأحفاد واحترام عظيم قد أخذهم الله تعالى بتخريب ديارهم وتقلب أحوالهم وتدمير أدبارهم وتقطيع آثارهم وغير ذلك من بأس الله وصولاته ووقايعه ومثلاته فصاروا بحيث لم يبق منهم إلا اسم ولا من ديارهم إلا رسم، مأخوذين بأعمالهم مقيدين بسلاسل أفعالهم مغلولين بأغلال أطوارهم مشغولين بالحسرة والندامة محرومين عن الرحمة والكرامة، فإن من تفكر في هذا حصلت له ملكة الانزجار عن حلال الدنيا فضلا عن حرامها وفضيلة الانقطاع عن خلاف الأولى فضلا عن الظلم بأهلها.
ثم رغبه في الأخذ بوصيته وقوله مع الوعيد بالعذاب على تركه بقوله: (يا عيسى كل وصفي لك نصيحة وكل قولي لك حق) أي كل ما بينته لك نصيحة خالصة وكل ما قلته لك حق ثابت لا ريب فيه، فوجب عليك الأخذ به (وأنا الحق المبين) أبان الشيء: ظهر، وأبانه: أظهره وأوضحه لازم متعد، فعلى الأول أشار إلى ظهور وجوده، وعلى الثاني أشار إلى أنه أظهر جميع ما يحتاج إليه الخلق في كمالهم وبينه لهم، والغرض على التقديرين هو الحث على اتباع قوله و «نصحه».
(فحقا أقول لئن أنت عصيتني بعد أن أنبأتك مالك من دوني ولي ولا نصير) وعيد عظيم للعالم التارك لعلمه بأن عقوبته أشد وأقوى وهو باللوم أجدر وأحرى من الجاهل، وقد دل عليه كثير من الروايات.
(يا عيسى أذل قلبك بالخشية) قد مر أنها تابعة للعلم بالله وأنها إذا حصلت لأحد تبعثه على القيام بالعبودية ورعاية الآداب وأداء وظايف الطاعات وترك المنهيات والتقصير في شيء من الحقوق فهي أصل لقبول النصايح ولذلك أمر بها مرارا (وانظر إلى من هو أسفل منك ولا تنظر إلى من هو فوقك) لأن ذلك يسهل أمر الدنيا والصبر على الفايت منها والرضا عن الرب بما أعطاه والحمد والشكر له بخلاف النظر إلى الفوق وقد مر وسيجئ أيضا، وهذا أصل عظيم
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557