فجعل الشهور عدة معلومة، فجعل منها أربعة حرما وقال: (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله) ثم قال تبارك وتعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) فجعل لذلك محلا، وقال: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) فجعل لكل شيء أجلا ولكل أجل كتابا.
فإن كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك، وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك وشبهة ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض أكله ولم ينقطع مداه ولم يبلغ الكتاب أجله، فلو قد بلغ مداه وانقطع أكله وبلغ الكتاب أجله لا نقطع الفصل وتتابع النظام ولأعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله؟! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة، ثم أرفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا.
* الشرح:
قوله (ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء) (1) هذة الثلاثة متقاربة المفهوم والصدق ويمكن تخصيص الأول بضيق القلب والثاني بضيق المعاش وقلة أسبابه والثالث بالمكاره من الأعداء.
قوله (إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل) أراد بالطاعة طاعة الله وطاعة الرسول والوصي،