مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقلت: بأبي أنت وأمي أنت وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: نعم يا أم أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي فأتيت الحسن (عليه السلام) وهو غلام فقلت له: يا سيدي! أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا أم أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فاتيت الحسين (عليه السلام) - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وأمي، أنت وصي أخيك؟
فقال: نعم يا أم أسلم أيتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم، فعمرت أم أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين (عليه السلام) في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين.
16 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر بن دأب، عمن حدثه، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن زيد بن علي بن الحسين دخل على أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما يجدون في كتاب الله عز وجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء، فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن الطاعة مفروضة من الله عز وجل وسنة أمضاها في الأولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع وأمر الله يجري لأوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول وحتم مقضي وقدر مقدور، واجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل، فإن الله لا يعجل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك، قال: فغضب زيد عند ذلك، ثم قال: ليس الإمام منا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبط عن الجهاد ولكن الإمام منا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه.
قال أبو جعفر (عليه السلام): هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله (عليه السلام) أو تضرب به مثلا؟ فإن الله عز وجل أحل حلالا وحرم حراما وفرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الإمام القائم بأمره في شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عز وجل في الصيد: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله؟ وجعل لكل شيء محلا وقال الله عز وجل: (وإذا حللتم فاصطادوا) وقال عز وجل: (لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام)