شيء فيهما، وعن الثاني بأن الله تعالى جعل لكل شيء وقتا وجرت حكمته على ذلك كما قيل: إنما الأمور مرهونة بأوقاتها، فعدم إقدام الإمام على ما هو مرهون بوقت قبله لا يدل على نفي إمامته بل يدل على كمال علمه.
قوله (أو تضرب به مثلا) يدل على وجود إمام بلا شاهد، وهو عطف على تجيء والمراد به الدليل الخطابي وبالمعطوف عليه البرهان والغرض أنه لا وجه لما يدعيه أصلا لا برهان ولا مثل وهو في الأصل النظير وفي العرف القول السائر الممثل فيضربه بمورده.
قوله (فإن الله عز وجل أحل حلالا) تعليل لما تقدم والمقصود أن الله تعالى ذكر الأشياء كلها حدودها وأوقاتها وحرامها وحلالها وأمثالها في الكتاب وجعل الإمام عالما بها ولم يجعله في شبهة في شيء منها وجعل الإنسان على نفسه بصيرة فإن كنت عالما بها وبأنك إمام وبأنه يجب عليك الخروج في هذا الزمان فافعل وان كنت عالما بعدم وجود هذه الأمور فيك أو كنت في شك منها وهو كذلك، فلا تفعل واحفظ نفسك كيلا تكون مصلوبا بالكناسة وهذا في غاية النصح والإنصاف وكمال القرب إلى القبول ولكن لم ينفعه ذلك.
قوله (وقد قال الله عز وجل في الصيد) أشار (عليه السلام) بذلك إلى أمثلة جزئية لافعال مخصوصة موقتة بوقت لا يجوز الاقدام عليها قبله ليدفع بذلك ما توهمه من أنه يجوز الإقدام على ما قصده في كل وقت وإن لم يقدم عليه ليس بإمام ولينبهه على أن أحكام الله تعالى مختلفة بحسب الأوقات والمصالح فربما يجب علينا القعود وربما يجب علينا النهوض انقيادا لأمره عز وجل.
قوله (أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس) يعني كما أن قتل الصيد حرام في وقت وحلال في وقت آخر، كذلك قتل النفس فقد جعل الله تعالى لكل من حرمة القتل وحله وقتا محدودا لا يجوز التجاوز عنه فكيف يجوز ذلك للإمام وهو ينبغي أن يكون أعرف بأحكام الله تعالى وأشد امتثالا بها.
قوله (وإذا حللتم فاصطادوا) الأمر بالاصطياد للإباحة لأنها بالأصل في الأمر بعد التحريم إلى أن يثبت بالدليل أنه للوجوب أو للندب.
قوله (وقال عز وجل: (لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام)) شعائر الحج آثاره وعلاماته جمع شعيرة وهي الآثار والعلامة، وقيل: هي كل ما كان من أعماله كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك وقيل: هي المعالم التي ندب الله تعالى إليها وأمر بالقيام عليها والشهور الحرام أربعة: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم سميت بذلك لحرمة القتال فيها أي لا تحلوا شعائر الله بالترك وعدم الاحترام ولا الشهر الحرام بالقتال أو النسيء فجعل الشهور عدة معلومة وهي اثنى عشر شهرا فجعل من تلك الشهور أربعة حراما فهذه أجزاء من الزمان وقد أوجب أفعال الحج في