في كتابه تعريفا لخلقه أمره فهل علمت أن الله تعالى وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة (قوارير من فضة) (3) قلت: لا قال: فهذه فضيلة أخرى فكيف تكون القوارير من فضة؟ فقلت: لا أدري قال يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها وهذا مثل قوله (ص) يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير وعني به نساء كأنها القوارير رقة وقوله (ص): ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحرا أي كأنه بحر من كثرة جريه وعدوه وكقول الله تعالى: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ورائه عذاب غليظ) (4) أي كأنه يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد مات ثم قال: يا إسحاق ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة؟ فقلت: بلى ثم قال: أرأيت لو أن رجلا قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا، أكان عندك كافرا؟ قلت لا قال أفرأيت لو قال ما أدري هذه السورة قرآن أم لا أكان عندك كافرا؟ قلت بلى قال: أرى فضل الرجل يتأكد خبروني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟ قلت: بلى قال: بان والله عنادك لا يخلوا هذا من أن يكون كما دعاه النبي (ص) أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه أو تزعم إن الله لم يعرف الفاضل من المفضول فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به؟ قال: إسحاق: فأطرقت ساعة ثم قلت: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول في أبي بكر: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (1) فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه (ص) فقال المأمون: سبحان الله ما أقل علمك باللغة والكتاب؟ أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن؟ فأي فضيلة في هذا أما سمعت قول الله تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا) (2) فقد جعله له صاحبا وقال الهذلي شعرا:
(٢٠٦)