وباختياره إياه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للإمامة وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة قبل أفعاله قال آخر:
فلم أوجبت الإمامة لعلي عليه السلام بعد الرسول (ص)؟ فقال: لخروجه من الطفولية إلى الايمان كخروج النبي (ص) من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة وإجتنابه الشرك كبراءة النبي (ص) من الضلالة وإجتنابه للشرك لأن الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماما ولا من عبد وثنا باجماع ومن شرك فقد حل من الله تعالى محل أعدائه فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجئ إجماع آخر مثله ولأن من حكم عليه مرة فلا يجوز أن يكون حاكما فيكون الحاكم محكوما عليه فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه قال آخر: فلم يقاتل علي عليه السلام أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية؟ فقال المسألة محال لأن لم اقتضاء ولم يفعل نفي والنفي لا يكون له علة، إنما العلة للاثبات وإنما يجب أن ينظر في أمر علي عليه السلام أمن قبل الله أم من قبل غيره فإن صح أنه من قبل الله تعالى فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1) فافعال الفاعل تبع لاصله، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم وقد ترك رسول الله (ص) القتال يوم الحديبية يوم صد المشركون هديه عن البيت فلما وجد الأعوان وقوى حارب كما قال الله تعالى في الأول: (فاصفح الصفح الجميل) (2) ثم قال عز وجل: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد) (3) قال آخر إذا زعمت أن إمامة علي عليه السلام من قبل الله تعالى وإنه مفترض الطاعة فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء للأنبياء عليهم السلام وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوه الناس إلى طاعته؟ فقال: من قبل انا لم نزعم إن عليا عليه السلام أمر بالتبليغ