واحد من كل جهة وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما وهذا تكليف ما لا يطاق، لأنك إذا اقتديت لواحد خالفت الاخر والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار إلى أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة، فأبى أبو بكر عليه وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبو بكر وأستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: في هذا فصل ولم يذكر المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي (ص) قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وإنما رووا أبو بكر وعمر، ومنهم من روى أبا بكر وعمر فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب اقتدوا باللذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر ومعنى قوله بالرفع: اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون، فقال آخر من أصحاب الحديث فإن النبي (ص) قال: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فقال المأمون: هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه (ص) آخى بين أصحابه وآخر عليا عليه السلام، فقال له في ذلك؟ فقال: وما أخرتك إلا لنفسي، فأي الروايتين ثبتت بطلت الأخرى؟ قال الآخران عليا عليه السلام قال: على المنبر خير هذه الأمة بعد نبيها أبو وعمر، وقال المأمون: هذا مستحيل من قبل النبي (ص) لو علم إنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد ومما يكذب هذه الرواية قول علي عليه السلام لما قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا وقوله عليه السلام: أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله تعالى قبلهما وعبدته بعدهما؟ قال آخر: فإن أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله؟ فقال علي عليه السلام: قدمك رسول الله (ص) فمن ذا يؤخرك؟ فقال المأمون: هذا باطل من قبل أن عليا عليه السلام قعد بيعة أبي بكر ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها السلام وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها ووجه آخر وهو إنه أن كان النبي (ص) استخلفه فكيف كان له أن يستقيل وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد