كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام حيث يقول لهارون (أخلفني في قومي وأصلح لي ولا تتبع سبيل المفسدين) (1) فقلت: إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ثم مضى إلى ميقات ربه تعالى وأن النبي (ص) خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته فقال: أخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل أحد من أصحابه؟
فقلت: نعم، قال: أوليس قد أستخلفه على جميعهم؟ قلت: بلى، قال:
فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي (ص) حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذا كان أكثر قومه معه وأن كان قد جعله خليفة على جميعهم والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله (ص):
علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وزير النبي (ص) أيضا بهذا القول لأن موسى عليه السلام قد دعا الله تعالى وقال فيما دعا:
(وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) (2) فإذا كان علي عليه السلام منه (ص) بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره كما كان هارون وزير موسى وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى عليه السلام ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام فقال: أسألكم أو تسألوني؟
فقالوا: بل نسألك قال: قولوا فقال قائل منهم: أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله (ص) من نقل الفرض مثل الظهر أربع ركعات وفي مأتي درهم خمسة دراهم والحج إلى مكة؟ فقال: بلى قال:
فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها؟
قال المأمون: لأن جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس (3) والرغبة ما يقع في الخلافة فقال آخر: ما أنكرت أن يكون النبي (ص) أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيعصي خليفته فينزل بهم العذاب؟ فقال: أنكرت ذلك من قبل أن الله تعالى أرأف بخلقه من النبي (ص) وقد بعث نبيه (ص) إليهم وهو يعلم أن فيهم عاص