عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون؟ فإن قلتم: نعم فقد كفرتم وإن قلتم: لا فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنه وضعفه عن القبول وعلة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة علي عليه السلام؟ فإن زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه السلام على جميع صبيان الناس ثم قال: أي الأعمال بعد السبق إلى الايمان قالوا: الجهاد في سبيل الله، قال: فهل تجدون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر هذه؟ بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا قتل علي عليه السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس فقال قائل: كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشة يدبرها فقال المأمون:
لقد جئت بها عجيبة! أكان يدبر دون النبي (ص) أو معه فيشركه أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك أن تقول؟ فقال:
أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي (ص) إليه قال: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عز وجل يقول: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) الآية (1) قال: إسحاق بن حماد بن زيد ثم قال لي: إقرأ (هل أتى على الانسان حين من الدهر) فقرأت حتى بلغت (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) إلى قوله: (وكان سعيكم مشكورا) (2) فقال: فيمن نزلت هذه الآيات: فقلت في علي عليه السلام قال: فهل بلغك أن عليا عليه السلام قال: حين أطعم المسكين واليتيم والأسير: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) على ما وصف الله عز وجل في كتابه؟
فقلت: لا، قال فإن الله تعالى عرف سريرة علي عليه السلام ونيته فأظهر ذلك