فخرج سهم عبد الله، فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الإبل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت (1) لها جبال تهامة، فقال عبد المطلب: لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثا كل ذلك يخرج السهم على الإبل، فلما كان في الثالثة اجتذبه الزبير وأبو طالب وإخوانه (2) من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلدة خده الذي كان على الأرض وأقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب وأمر عبد المطلب أن تنحر الإبل بالحزورة (3) ولا يمنع أحد منها وكانت مائة وكانت لعبد المطلب خمس سنن أجراها الله عز وجل في الاسلام: حرم نساء الآباء على الأبناء، وسن الدية في القتل مائة من الإبل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمى زمزم لما حفرها سقاية الحاج، ولولا أن عبد المطلب كان حجة وأن عزمه على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل (4) لما افتخر النبي صلى الله عليه وآله بالانتساب إليهما لأجل أنهما الذبيحان في قوله عليه السلام: " أنا ابن الذبيحين " والعلة التي من أجلها رفع الله عز وجل الذبح عن إسماعيل هي العلة التي من أجلها رفع الذبح عن عبد الله وهي كون النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام في صلبهما فببركة النبي والأئمة صلى الله عليه وآله رفع الله الذبح عنهما فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم، ولولا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم، وكل ما يتقرب الناس به إلى الله عز وجل من أضحية فهو فداء لإسماعيل إلى يوم القيامة.
قال مصنف هذا الكتاب - أدام الله عزه -: قد اختلف الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل ومنها ما ورد بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح