مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل (1) عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك، ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب.
فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه لذلك وسدده.
فأما حق الله (2) الأكبر عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فإذا فعلت بالاخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة، وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل، وحق اللسان إكرامه عن الخنى، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم، وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة، وسماع مالا يحل سماعه، وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به، وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك، وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى مالا يحل لك، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتردى في النار، وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع، وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه، وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وأنت فيها قائما بين يدي الله عز وجل، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها، وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك، وبه قبول توبتك (3) وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك، وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك، وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند