النزاهة في قوله عز وجل: " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين (1) " ثم الجمع لاشراط الكلمات (2) في قوله: " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العاملين * لا شريك له بذلك أمرت وأنا أول المسلمين (3) " فقد جمع في قوله " محياي ومماتي لله رب العالمين " جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا تعزب عنه عازبة ولا تغيب عن معانيها غائبة (4).
ثم استجابة الله دعوته حين قال: (رب أرني كيف تحيى الموتى (5) " وهذه آية متشابهة معناها أنه سأل عن الكيفية والكيفية من فعل الله عز وجل متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب، ولا عرض في توحيده نقص، فقال الله عز وجل: " أو لم تؤمن قال بلى " هذا شرط عامة من آمن به متى سئل واحد منهم " أو لم تؤمن " وجب أن يقول: بلى، كما قال إبراهيم، ولما قال الله عز وجل لجميع أرواح بني آدم: " ألست بربكم قالوا بلى (6) " قال: أول من قال بلى محمد صلى الله عليه وآله فصار بسبقه إلى " بلى " سيد الأولين والآخرين، وأفضل النبيين والمرسلين. فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم فقد رغب عن ملته، قال الله عز وجل: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه (7) " ثم اصطفاء الله عز وجل إياه في الدنيا ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين في قوله عز وجل: " ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين " (7) والصالحون هم النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين الآخذون عن الله عز وجل أمره ونهية والملتمسون للصلاح من عنده والمجتنبون للرأي والقياس في دينه في قوله: " إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (8) " ثم اقتداء من بعده من الأنبياء عليهم السلام به في قوله عز وجل: " ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين