عند الله من سبعين ركعة يصليها غير متزوج، وإنما حبب الله إليه النساء لأجل الصلاة وهكذا قال: ركعتين يصليهما متعطر أفضل من سبعين ركعة يصليها غير متعطر، وإنما حبب الله إليه الطيب أيضا لأجل الصلاة، ثم قال عليه السلام " وجعل قرة عيني في الصلاة " لان الرجل لو تطيب وتزوج، ثم لم يصل لم يكن له في التزويج والطيب فضل و لا ثواب (1).
(١) ينبغي التأمل في ألفاظ الخبر قبل توضيحه. الأول قوله صلى الله عليه وآله: " حبب " بصيغة المجهول دون " أحببت " والثاني " من دنياكم " والثالث " قرة عيني في الصلاة ".
وأما قوله " حبب " إشارة إلى أن جبلته صلى الله عليه وآله مجبولة على حب أمور الآخرة دون الدنيا. ولكن الله تعالى حببه لهذين الشيئين: حب النساء والطيب من أمور الدنيا لكثرة ما يترتب عليهما من المنافع والخيرات. اما النساء فيترتب على حبهن مضافا على كثرة التناسل أمور أخر وقد أباح الله تعالى له صلى الله عليه وآله تزويج تسعة من النساء دون أمته لتلك الأمور وهي أن الله تعالى أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها وما يستحيا من ذكره وما لا يستحيا منه وكان صلى الله عليه وآله أشد الناس حياء، فجعل الله له نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله و يسمعنه من أقواله ويذكرنه من سنته في معاشرته معهن التي قد يستحيى من الافصاح بها بحضرة الرجال وذلك ليتكمل نقل الشريعة. فقد نقلن كثيرا من آدابه في تهجده وسواكه ونومه ويقظته وسائر أموره ما لم يكن ينقله غيرهن وما رأينه في منامه وخلواته من الآيات الباهرات والحجج البالغات على نبوته، ومن جده واجتهاده في العبادة وخشيته من الله وغيرها مما يشهد كل ذي لب أنها لا تكون الا لنبي وما كان يشاهدها غيرهن، فحصل بذلك خير عظيم. و هذا هو المشاهد لمن سبر كتب الحديث.
وأما الطيب وإن كان تنعم في الدنيا الا أنه يقوى القلب والجوارح، مضافا إلى أنه حظ الملائكة ففي الخبر " لا تدع الطيب فان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن ".
وأما قوله صلى الله عليه وآله " من دنياكم " كما في الخبر الثاني ففيه مالا يخفى من إضافة الدنيا إلى غيره. وأما قوله صلى الله عليه وآله " قرة عيني في الصلاة " إشارة إلى أنه وإن كان حبب إليه من الدنيا " النساء والطيب " لكن قرة عينه في الصلاة لا غير، يعنى محبوبه الحقيقي وما يقر عينه و يتعلق سويداء قلبه به هو في الصلاة هذا إذا كانت " الصلاة " بفتح الصاد، وأما إذا كان بكسر الصاد كما قد قرء فهو من باب " وصل " واحدها صلة بكسر الصاد فهي العطية والاحسان و الجائزة وما يقال له بالفارسية (چشم روشنى) فلعل المراد اهداء الطيب كما يظهر من بعض الأخبار ففي معاني الأخبار في معنى لا يأبى الكرامة الا الحمار المراد الطيب والتوسعة في المجلس.
لكنه بعيد ومخالف لكتابة الصلاة لأنها بالتاء المدور لا الممدود.