إلا أن مالك بن عامر العنبري سقط منه قدح فذهبت به جرية الماء فقال له الذي يسايره معيرا له: أصابه القدر فطاح فقال: والله إني لعلى حالة ما كان الله ليسلبني قدحي من بين العسكرين. فلما عبروا ألقته الريح إلى الشاطئ فتناوله بعض الناس وعرفه صاحبه فأخذه صاحبه، ولم يغرق منهم أحد غير أن رجلا من بارق يدعى غرقدة زال عن ظهر فرس له أشقر فثنى القعقاع عنان فرسه إليه فأخذ بيده فأخرجه سالما. وخرج الناس سالمين وخيلهم تنفض أعرافها.
فلما رأي الفرس ذلك وأتاهم أمر لم يكن في حسابهم خرجوا هاربين نحو حلوان، وكان يزدجرد قد قدم عياله إلى حلوان قبل ذلك وخلف مهران الرازي، والنخيرخان وكان على بيت المال بالنهروان وخرجوا معهم بما قدروا عليه من خير متاعهم وخفيفه وما قدروا عليه من بيت المال وبالنساء والذراري وتركوا في الخزائن من الثياب والمتاع والآنية والفصوص والألطاف، والأدهان ما لا يدري قيمته، وخلفوا ما كانوا أعدوا للحصار من البقر والغنم والأطعمة، وكان في بيت المال ثلاثة آلاف ألف ألف ألف ثلاث مرات أخذ منها رستم عند مسيره إلى القادسية النصف، وبقي النصف. وكان أول من دخل المدائن كتيبة الأهوال وهى كتيبة عاصم بن عمرو، ثم كتيبة الخرساء وهي كتيبة القعقاع بن عمرو؟ فاخذوا في سككها لا يلقون فيها أحدا يخشونه إلا من كان في القصر الأبيض فأحاطوا بهم، ودعوهم، فاستجابوا على تأدية