الجسر الصغير فنزلوا، فبلغ صاحب الفرات خبرهم فأقبل في أربعة آلاف فالتقوا فقاتلهم عتبة بعد الزوال وكان في خمسمائة فقتلهم أجمعين ولم يبق إلا صاحب الفرات فأخذه أسيرا، ثم خطب عتبة أصحابه وقال: إن الدنيا قد تصرمت وولت جدا ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء؛ ألا وإنكم منتقلون منها إلى دار القرار فانتقلوا بخير ما يحضر بكم، وقد ذكر لي لو أن صخرة ألقيت من شفير جهنم لهوت سبعين خريفا ولتملأنه، أو عجبتم؟ ولقد ذكر لي أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين خريفا وليأتين عليه يوم وهو كظيظ، ولقد رأيتني وأنا سابع سبعة مع النبي صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق السمر حتى تقرحت أشداقنا، والتقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد فما منا أولئك السبعة من أحد إلا وهو أمير مصر من الأمصار، وسيجربون الناس بعدنا.
وكان نزوله البصرة في ربيع الأول أو الآخر سنة أربع عشرة، وقيل: إن البصرة مصرت سنة ست عشرة بعد جلولاء، وتكريت أرسله سعد إليها بأمر عمر، وأن عتبة لما نزل البصرة أقام نحو شهر فخرج إليه أهل الأبلة وكان بها خمسمائة أسوار يحمونها وكانت مرفأ السفن من الصين فقاتلهم عتبة فهزمهم حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره وألقى الله الرعب في قلوب الفرس فخرجوا عن المدينة وحملوا ما خف وعبروا الماء وأخلوا المدينة ودخلها المسلمون فأصابوا متاعا وسلاحا وسبيا فاقتسموه وأخرج الخمس