تمهيد:
الظاهر انحصار المستقلات العقلية التي يستكشف منها الحكم الشرعي في مسألة واحدة، وهي: مسألة التحسين والتقبيح العقليين. وعليه يجب علينا أن نبحث عن هذه المسألة من جميع أطرافها بالتفصيل، لا سيما أنه لم يبحث عنها في كتب الأصول الدارجة، فنقول:
وقع البحث هنا في أربعة أمور متلاحقة:
1 - إنه هل تثبت للأفعال مع قطع النظر عن حكم الشارع وتعلق خطابه بها أحكام عقلية من حسن وقبح؟ أو إن شئت فقل: هل للأفعال حسن وقبح بحسب ذواتها ولها قيم ذاتية في نظر العقل قبل فرض حكم الشارع عليها، أوليس لها ذلك وإنما الحسن ما حسنه الشارع والقبيح ما قبحه، والفعل مطلقا في حد نفسه من دون حكم الشارع ليس حسنا ولا قبيحا؟
وهذا هو الخلاف الأصيل بين الأشاعرة والعدلية، وهو مسألة التحسين والتقبيح العقليين المعروفة في علم الكلام، وعليها تترتب مسألة الاعتقاد بعدالة الله تعالى وغيرها. وإنما سميت العدلية " عدلية " لقولهم بأنه تعالى عادل، بناء على مذهبهم في ثبوت الحسن والقبح العقليين.