أحدهما تفريق الصفقة على البائع قبل التمام لأنه أوجب البيع فيهما فالقبول في أحدهما يكون تفريقا وهذا لا يجوز بخلاف ما إذا جمع بين القن المدبر لان المدبر محل لقبول البيع فيه لكونه مملوكا له الا انه لم ينفذ للحال مع احتمال النفاذ في الجملة بقضاء القاضي لحق المدبر وهذا يمنع محلية القبول في حق نفسه لا في صاحبه فيجعل محلا في حق صاحبه والدليل على التفرقة بين الفصلين ان الحكم ههنا يختلف بين ان يسمى لكل واحد منهما ثمنا أو لا يسمى وهناك لا يختلف دل ان الفرق بينهما لما ذكرنا وعلى هذا الخلاف إذا جمع بين شاة ذكية وبين متروك التسمية عمدا ثم إذا جاز البيع في أحدهما عندهما فهل يثبت الخيار فيه ان علم بالحرام يثبت لان الصفقة تفرقت عليه وان لم يعلم لا لأنه رضى بالتفريق والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) أن يكون مملوكا لان البيع تمليك فلا ينعقد فيما ليس بمملوك كمن باع الكلأ في أرض مملوكة والماء الذي في نهره أو في بئره لان الكلأ وإن كان في أرض مملوكة فهو مباح وكذلك الماء ما لم يوجد الاحراز قال النبي صلى الله عليه وسلم الناس شركاء في ثلاث والشركة العامة هي الإباحة وسواء خرج الكلأ بماء السماء من غير مؤنة أو ساق الماء إلى أرض ولحقه مؤنة لان سوق الماء إليه ليس باحراز فلم يوجد سبب الملك فيه فبقي مباحا كما كان وكذا بيع الكمأة وبيع صيد لم يوجد في أرضه لا ينعقد لأنه مباح غير مملوك لانعدام سبب الملك فيه وكذا بيع الحطب والحشيش والصيود التي في البراري والطير الذي لم يصد في الهواء والسمك الذي لم يوجد في الماء وعلى هذا يخرج بيع رباع مكة واجارتها انه لا يجوز عند أبي حنيفة رضي الله عنه وروى عنه أنه يجوز وبه أخذ الشافعي رحمه الله لعمومات البيع من غير فصل بين أرض الحرم وغيرها ولان الأصل في الأراضي كلها أن تكون محلا للتمليك الا أنه امتنع تملك بعضها شرعا لعارض الوقف كالمساجد ونحوها ولم يوجد في الحرم فبقي محلا للتمليك (ولنا) ما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إن الله تبارك وتعالى حرم مكة يوم خلقها لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يحتش حشيشها أخبر عليه الصلاة والسلام أن مكة حرام وهي اسم للبقعة والحرام لا يكون محلا للتمليك وروى عن عبد الله بن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال مكة حرام وبيع رباعها حرام وهذا نص في الباب ولان الله تبارك وتعالى وضع للحرم حرمة وفضيلة ولذلك جعله سبحانه وتعالى مأمنا قال الله تبارك وتعالى جل شأنه أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا فابتذاله بالبيع والشراء والتمليك امتهان وهذا لا يجوز بخلاف سائر الأراضي وقيل إن بقعة مكة وقف حرم سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ولا حجة في العمومات لأنه خص منها الحرم بالحديث المشهور ويجوز بيع بناء بيوت مكة لان الحرم للبقعة لا للبناء وروى عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه قال كره إجارة بيوت مكة في الموسم من الحاج والمعتمر فاما من المقيم والمجاور فلا بأس بذلك وهو قول محمد رحمه الله ويجوز بيع أراضي الخراج والقطيعة والمزارعة والإجارة والاكارة والمراد من الخراج أرض سواد العراق التي فتحها سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه لأنه من عليهم وأقرهم على أراضيهم فكانت ميقاة على ملكهم فجاز لهم بيعها وأرض القطيعة هي الأرض التي قطعها الامام لقوم وخصهم بها فملكوها بجعل الامام لهم فيجوز بيعها وأرض المزارعة أن يدفع الانسان أرضه إلى من يزرعها ويقوم بها وبهذا لا تخرج عن كونها مملوكة وأرض الإجارة هي الأرض التي يأخذها الانسان من صاحبها ليعمرها ويزرعها وأرض الاكارة التي في أيدي الاكرة فيجوز بيع هذه الأرض لأنها مملوكة لأصحابها وأما ارض الموات التي أحياها رجل بغير اذن الامام فلا يجوز بيعها عند أبي حنيفة رضي الله عنه لأنها لا تملك بدون اذن الامام وعندهما يجوز بيعها لأنها تملك بنفس الاحياء والمسألة تذكر في كتاب احياء الموات وذكر القدوري رحمه الله أنه لا يجوز بيع دور بغداد وحوانيت السوق التي للسلطان عليها غلة لأنها ليست بمملوكة لما روى أن المنصور أذن للناس في بنائها ولم يجعل البقعة ملكا لهم والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) وهو شرط انعقاد البيع للبائع أن يكون مملوكا للبائع عند
(١٤٦)