والمالية قبل حدوث الشدة كانت ثابتة بيقين فلا تبطل بحرمة ثابتة بالاجتهاد فبقيت أموالا وبه تبين ان المراد من الحديث محرم ثبتت حرمته بدليل مقطوع به ولم يوجد ههنا بخلاف الخمر لان حرمتها ثبتت بدليل مقطوع به فبطلت ماليتها والله سبحانه وتعالى أعلم ولا ينعقد بيع الملاقيح والمضامين الذي ورد النهى عنه لان المضمون ما في صلب الذكر والملقوح ما في رحم الأنثى وذلك ليس بمال وعلى هذا أيضا يخرج بيع عسب الفحل لان العسب هو الضرب وانه ليس بمال وقد يخرج على هذا بيع الحمل انه لا ينعقد لان الحمل ليس بمال ولا ينعقد بيع لبن المرأة في قدح عندنا وقال الشافعي رحمه الله يجوز بيعه (وجه) قوله إن هذا مشروب طاهر فيجوز بيعه كلبن البهائم والماء (ولنا) ان اللبن ليس بمال فلا يجوز بيعه والدليل على أنه ليس بمال اجماع الصحابة رضي الله عنهم والمعقول اما اجماع الصحابة رضى الله تعالى عنهم فما روى عن سيدنا عمر وسيدنا على رضى الله تعالى عنهما حكما في ولد المغرور بالقيمة وبالعقر بمقابلة الوطئ وما حكما بوجوب قيمة اللبن بالاستهلاك ولو كان مالا لحكما لان المستحق يستحق بدل اتلاف ماله بالاجماع ولكان ايجاب الضمان بمقابلته أولى من ايجاب الضمان بمقابلة منافع البضع لأنها ليست بمال فكانت حاجة المستحق إلى ضمان المال أولى وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليهما أحد فكان اجماعا (وأما) المعقول فهو لأنه لا يباح الانتفاع به شرع على الاطلاق بل لضرورة تغذية الطفل وما كان حرام الانتفاع به شرعا الا لضرورة لا يكون مالا كالخمر والخنزير والدليل عليه ان الناس لا يعدونه مالا ولا يباع في سوق ما من الأسواق دل انه ليس بمال فلا يجوز بيعه ولأنه جزء من الآدمي والآدمي بجميع أجزائه محترم مكرم وليس من الكرامة والاحترام ابتذاله بالبيع والشراء ثم لا فرق بين لبن الحرة وبين لبن الأمة في ظاهر الرواية وعند أبي يوسف رحمه الله انه يجوز بيع لبن الأمة لأنه جزء من آدمي هو مال فكان محلا للبيع كسائر أجزائه (ولنا) ان الآدمي لم يجعل محلا للبيع الا بحلول الرق فيه والرق لا يحل الا في الحي واللبن لا حياة فيه فلا يحله الرق فلا يكون محلا للبيع سفل وعلو بين رجلين انهدما فباع صاحب العلو علوه لم يجز لان الهواء ليس بمال ولو جمع بين ما هو مال وبين ما ليس بمال في البيع بان جمع بين حر وعبد أو بين عصير وخمر أو بين ذكية وميتة وباعهما صفقة واحدة فإن لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن لم ينعقد العقد أصلا بالاجماع وان بين فكذلك عند أبي حنيفة وعندهما يجوز في العصير والعبد والذكية ويبطل في الحر والخمر والميتة ولو جمع بين قن ومدبر أو أم ولد ومكاتب أو بين عبده وعبد غيره وباعهما صفقة واحدة جاز البيع في عبده بلا خلاف (وجه) قولهما ان الفساد بقدر المفسد لان الحكم يثبت بقدر العلة والمفسد خص أحدهما فلا يتعمم الحكم مع خصوص العلة فلو جاء الفساد إنما يجئ من قبل جهالة الثمن فإذا بين حصة كل واحد منهما من الثمن فقد زال هذا المعنى أيضا ولهذا جاز بيع القن إذا جمع بينه وبين المدبر أو المكاتب أو أم الولد وباعهما صفقة واحدة كذا هذا ولأبي حنيفة رضي الله عنه ان الصفقة واحدة وقد فسدت في أحدهما فلا تصح في الآخر والدليل على أن الصفقة واحدة ان لفظ البيع والشراء لم يتكرر والبائع واحد والمشترى واحد وتفريق الثمن وهو التسمية لكل واحد منهما لا يمنع اتحاد الصفقة دل ان الصفقة واحدة وقد فسدت في أحدهما بيقين لخروج الحر والخمر والميتة عن محلية البيع بيقين فلا يصح في الآخر لاستحالة كون الصفقة الواحدة صحيحة وفاسدة ولهذا لم يصح إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فكذا إذا سمى لان التسمية وتفريق الثمن لا يوجب تعدد الصفقة لاتحاد البيع والعاقدين بخلاف الجمع بين العبد والمدبر لان هناك الصفقة ما فسدت في أحدهما بيقين بل بالاجتهاد الذي يحتمل الصواب والخطأ فاعتبر هذا الاحتمال في تصحيح الإضافة إلى المدبر ليظهر في حق القن ان لم يكن اظهاره في حقه ولأنه لما جمع بينهما في الصفقة فقد جعل قبول العقد في أحدهما شرط القبول في الآخر بدليل انه لو قبل العقد في أحدهما دون الآخر لا يصح الحر لا يحتمل قبول العقد فيه فلا يصح القبول في الآخر بخلاف المدبر لأنه محل لقبول العقد فيه في الجملة فصح قبول العقد فيه الا انه تعذر اظهاره فيه بنوع اجتهاد فيجب اظهاره في القن ولان في تصحيح العقد في
(١٤٥)