بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٤٠
تفسيرا للروايتين المبهمتين فتحمل رواية كتاب المكاتب على حال عدم الإجازة ورواية كتاب الشرب على حال الإجازة وجه رواية كتاب المكاتب انه كاتبه على مال لا يملك لأنه كاتبه على عبد هو ملك الغير فلا يجوز وبه علل في الأصل فقال لأنه كاتبه على ما لا يملك لأنه كاتبه على ملك الغير وشرح هذا التعليل ان المكاتبة عقد وضع لاكساب المال والعبد لا يقدر على اكساب هذا العين لا محالة لان مالك العبد قد لا يبيعه وقد يبيعه فلا يحصل ما وضع له العقد ولأنا لو قضينا بصحة هذه المكاتبة لفسدت من حيث تصح لأنه إذا كاتبه على عبد هو ملك الغير ولم يجز المالك فقد تعذر عليه التسليم فكان موجبها وجوب قيمة العبد فيصير كأنه كاتبه على قيمة عبد فيفسد من حيث يصح وما كان في تصحيحه افساده فيقضى بفساده من الأصل أو يقال إذا تعذر عليه التسليم فاما ان تجب على قيمة العبد أو قيمة نفسه وكل ذلك فاسد وجه رواية كتاب الشرب وهو المروى عن أبي يوسف أيضا ان المكاتبة في معنى الاعتاق على مال ثم لو أعتق عبده على عبد بعينه لرجل فقبل العبد جاز وجه ما روى عن محمد عن التوقف على الإجازة ان هذا عقد له مجيز حال وقوعه فيتوقف على الإجازة كالمبيع وكذلك كلما عينه من مال غيره من عرض أو مكيل أو موزون لأن هذه الأشياء كلها تتعين في العقود بالتعيين فكانت كالعبد ولو قال كاتبتك على ألف فلأن هذه جازت المكاتبة لان الدراهم لا تعين بالتعيين في عقود المعاوضات فيقع العقد على مثلها في الذمة لا على عينها فيجوز وان أدى غيرها عتق لان المكاتبة وقعت على ما في الذمة وسواء كان البدل قليلا أو كثيرا لان دلائل جواز المكاتبة لا يفصل بين القليل والكثير وسواء كان مؤجلا أو غير مؤجل عندنا عند الشافعي لا يجوز الا مؤجلا وهو على قلب الاختلاف في السلم انه لا يجوز الا مؤجلا عندنا وعنده يجوز مؤجلا وغير مؤجل فالحاصل انه لا خلاف في جواز المكاتبة على بدل مؤجل واختلف في الجواز على بدل غير مؤجل قال أصحابنا يجوز وقال الشافعي لا يجوز الا مؤجلا منجما بنجمين فصاعدا وجه قوله إن العبد عاجز عن تسليم البدل عند العقد لأنه معسر لا مال له والعجز عن التسليم عند العقد يمنع انعقاده بدليل انه لو طرأ على العقد يرفعه فإذا قارنه يمنعه من الانعقاد من طريق الأولى لان المنع أسهل من الرفع وكذا مأخذ الاسم يدل على ما قلنا فان الكتابة مأخوذة من الكتاب والكتاب يذكر بمعنى الأجل قال الله عز وجل وما أهلكنا من قرية الا ولها كتاب معلوم أي أجل لا يتقدم ولا يتأخر فسمى هذا عقد كتابة لكون البدل فيه مؤجلا ويذكر بمعنى الكتابة معروف وهو المكتوب سمى العقد بذلك لان البدل يكتب في الديوان والحاجة إلى الكتابة للمؤجل لا للحال فكان الأجل فيه شرطا كالمسلم لما كان مأخوذا من التسليم كان تسليم رأس المال فيه شرطا لجواز السلم وكذا الصرف لما كان ينبئ عن نقل البدل من يد إلى يد كان القبض فيه من الجانبين شرطا كذا هذا ولنا قوله عز وجل فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا من غير فصل بين الحال والمؤجل ولان بدل الكتابة دين يجوز الاستبدال به قبل القبض فلا يشترط فيه التأجيل كسائر الديون بخلاف بدل الصرف والسلم أما قوله إن العبد عاجز عن تسليم البدل عند العقد فمسلم لكن الأداء يكون بعد العقد ويحتمل حدوث القدرة بعده بأنه يكتب مالا بقبول هبة أو صدقه فيؤدى بدل الكتابة وأما مأخذ الاسم فالكتابة تحتمل معان يقال كتب أي أوجب قال الله تعالى كتب على نفسه الرحمة وكتب أي ثبت قال الله تعالى كتب في قلوبهم الايمان وكتب أي حكم وقضى قال الله تعالى كتب الله لأغلبن أنا ورسلي وشئ من هذه المعاني لا ينبئ عن التأجيل ثم إذا كانت المكاتبة حالة فان أدى البدل حين طالبه المولى بها والا يرد في الرق سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشرط بان قاله له ان لم تؤدها إلى حالة فأنت رقيق أو لم يقل لأنه كاتبه على بدل موصوف بصفة الحلول فلم يكن راضيا بدون تلك الصفة وكذلك إذا كانت منجمة بنجوم معلومة فعجز عن أول نجم منها يرد إلى الرق في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يرد حتى يتوالى عليه نجمان احتج أبو يوسف بما ورى عن علي رضي الله عنه أنه قال المكاتب إذا توالى عليه نجمان رد في الرق فقد شرط حلول
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222