بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٤٤
البيع بغير عيب ولو فعل لم يجز لأنه من باب التبرع وهو لا يملك التبرع وله أن يرد ما اشترى بالعيب إذا لم يرض به سواء اشترى من أجنبي أو من مولاه لأنه أولى بكسبه من مولاه فصار كالعبد المأذون إذا كان عليه دين وله الشفعة فيما اشتراه المكاتب لان املاكهما متميزة ولهذا جاز بيع أحدهما من صاحبه فصارا كالأجنبيين وله ان يأذن لعبده في التجارة لأنه من باب الاكتساب ولا تجوز هبة المكاتب شيئا من ماله ولا اعتاقه سواء عجز بعد ذلك أو عتق وترك وفاء لان هذا كله تبرع وكسب المكاتب لا يحتمل التبرع وحكى عن ابن أبي ليلى أنه قال عتقه وهبته موقوفان فان عتق يوما مضى ذلك عليه وان رجع مملوكا بطل ذلك وجه قوله إن حال المكاتب موقوف بين ان يعتق وبين ان يعجز فكذا حال عتقه وهبته والجواب ان العقد عندنا إنما يتوقف إذا كان له مجيز حال وقوعه وههنا لا مجيز لعتقه حال وقوعه فلا يتوقف فإذا وهب هبة أو تصدق ثم عتق ردت إليه الهبة والصدقة حيث كانت لان هذا عقد لا مجيز له حال وقوعه فلا يتوقف وسواء كان الاعتاق بغير بدل أو ببدل أما بغير بدل فلما قلنا وأما ببدل فلان الاعتاق ببدل ليس من باب الاكتساب لان العتق فيه يثبت بنفس القبول وبقى البدل في ذمة المفلس ولا يملك التعليق كما لا يملك التنجيز كما لو قال له ان دخلت الدار فأنت حر لا يصح وكذا إذا قال إن أديت إلى ألفا فأنت حر لا يصح لان ذلك تعليق وليس بمكاتبة لما ذكرنا في كتاب العتاق وللمكاتب ان يكاتب عبدا من اكسابه استحسانا والقياس ان لا يجوز لأنه عقد يفضى إلى العتق فلا يجوز كما لو أعتقه على مال وجه الاستحسان ان المكاتبة نوع اكتساب المال والمكاتب يملك اكتساب المال وهذا ملك البيع وكذا المكاتبة بخلاف الاعتاق على مال فان ذلك ليس باكتساب المال الا ترى ان المكتسب بعد الاعتاق لا يكون له بل يكون للعبد وإنما المكاتب له دين يتعلق بذمة المفلس فكان ذلك اعتاقا بغير بدل من حيث المعنى وفى المكاتبة المكسب يكون للمكاتب فلم يكن اعتاقا بغير بدل فافترقا وكذا لو اشترى المكاتب ذا رحم محرم منه لا يعتق لان شراء القريب اعتاق وهو لا يملك الاعتاق ولو اشترى ذا رحم محرم من مولاه لا يعتق على مولاه لان هذا كسب المكاتب والمولى لو أعتق عبدا من اكسابه صريحا لا يعتق فبالشراء أولى فان أدى الاعلى أولا عتق وثبت ولاؤه من المولى لان العتق حصل منه فإذا أدى الأسفل بعد ذلك يثبت ولاؤه من الأعلى لأنه بالعتق صار من أهل ثبوت الولاء منه وان أدى الأسفل أولا يعتق ويثبت ولاؤه من المولى ولا يثبت من الأعلى لأنه ليس من أهل ثبوت الولاء فان عتق بعد ذلك لا يرجع إليه الولاء لان ولاء العتاقة متى ثبت لا يحتمل الانتقال بحال وان أديا جميعا معا ثبت ولاؤهما معا من المولى وليس للمكاتب أن يكاتب ولده ولا والده والأصل ان كل من لا يجوز له أن يبيعه لا يجوز له أن يكاتبه الا أم ولده لان هؤلاء يعتقون بعتقه فلا يجوز أن يسبق عتقهم عتقه ولأنهم قد دخلوا في كتابة المكاتب فلا يجوز أن يكاتبوا ثانيا بخلاف أم الولد ولا يملك التصديق الا بشئ يسير حتى لا يجوز له أن يعطى فقيرا درهما ولا أن يكسوه ثوبا وكذا لا يجوز أن يهدى الا بشئ قليل من المأكول وله أن يدعو إلى الطعام لان ذلك عمل التجار وقد روى أن سلمان رضي الله عنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مكاتبا فقبل ذلك منه وكذا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوة المملوك ولان ذلك وسيلة إلى أداء مال الكتابة لأنه يجذب قلوب الناس فيحملهم ذلك على الاهداء إليه فيمكن من أداء بدل الكتابة ويملك الإجارة والإعارة والايداع لان الإجارة من التجارة ولهذا ملكها المأذون بالتجارة والإعارة والايداع من عمل التجار وضرورات التجارة ولا يجوز له أن يقرض لان الفرض تبرع بابتدائه وقيل معنى قوله لا يجوز أي لا يطيب للمستقرض أكله لا ان لا يملكه المستقرض حتى لو تصرف فيه نفذ تصرفه لأنه تصرف في ملكه ويكون المستقرض مضمونا عليه وهذا كما قلنا في حق الاعتاق انه لا يجوز ومعناه انه لا يطيب له أكله لكنه يكون مضمونا عليه حتى لو كان عبدا فاعتقه نفذ اعتاقه لأنه أعتق ملك نفسه كذا قرض المكاتب ولا تجوز وصيته لأنها تبرع ولا تجوز كفالة المكاتب بالمال ولا بالنفس بإذن المولى ولا بغير اذنه لأنها تبرع أما الكفالة بالنفس فلأنها التزام تسليم النفس من غير عوض والكفالة بالمال التزام تسليم المال من
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222