بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٨
خمر أو خنزير لان ذلك مال متقوم عندهم كالخل والشاة عندنا فان كاتب ذمي عبد ا له كافرا على خمر فأسلم أحدهما فالمكاتبة ماضية وعلى العبد قيمة الخمر لان المكاتبة وقعت صحيحة لكون الخمر مالا متقوما في حقهم الا أنه إذا أسلم أحدهما فقد تعذر التسليم أو التسلم لان المسلم منهى عن ذلك فتجب قيمتها ولا ينفسخ العقد بخلاف ما إذا اشترى الذمي من ذمي شيئا بخمر ثم أسلم أحدهما قبل قبض الثمن الخمر ان البيع يبطل وههنا لا تبطل المكاتبة لان عقد المكاتبة مبناه على المساهلة والمسامحة نظرا للعبيد لا لهم إلى شرف الحرية فلا ينفسخ بتعذر تسليم المسمى أو تسلمه بل يصار إلى بدله فاما البيع فعقد مماكسة ومضايقة لا تجرى فيه من السهولة ما يجرى في المكاتبة فينفسخ عند تعذر تسليم عين المسمى ويرتفع وإذا ارتفع لا يتصور تسليم القيمة مع ارتفاع سبب الوجوب ومنها أن يكون معلوم النوع والقدر سواء كان معلوم الصفة أو لا وهو من شرائط الانعقاد فإن كان مجهول القدر أو مجهول النوع لم ينعقد وإن كان معلوم النوع والقدر مجهول الصفة جازت المكاتبة والأصل ان الجهالة متى فحشت منعت جواز المكاتبة والا فلا وجهالة النوع والقدر جهالة فاحشة وجهالة الصفة غير فاحشة فإنه روى عن عمر رضي الله عنه انه أجاز المكاتبة على الوصفاء بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم فيكون اجماعا على الجواز والاجماع على الجواز اجماع على سقوط اعتبار هذا النوع من الجهالة في باب الكتابة وبيان هذا الأصل في مسائل إذا كاتب عبده على ثوب أو دابة أو حيوان أو دار لم تنعقد حتى لا يعتق وان أدى لان الثوب والدار والحيوان مجهول النوع لاختلاف أنواع كل جنس وأشخاصه اختلافا متفاحشا وكذا الدور تجرى مجرى الأجناس المختلفة لتفاحش التفاوت بين دار ودار في الهيئة والتقطيع وفى القيمة باختلاف المواضع من البلد ان والمحال والسكك ولهذا منعت هذه الجهالة صحة التسمية والاعتاق على مال والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد فصارت هذه الأشياء لكثرة التفاوت في أنواعها وأشخاصها بمنزلة الأجناس المختلفة فيصير كأنه كاتبه على ثوب أو دابة أو حيوان أو دار فأدى طعاما ولو كان كذلك لا يعتق وان أدى أعلى الثياب والدواب والدور بخلاف ما إذا كاتبه على قيمة فادى القيمة انه يعتق لان التفاوت بين القيمتين لا يلحقها بجنسين فكانت جهالة القيمة مفسدة للعقد لا مبطلة له وان كاتبه على ثوب هروى أو عبد أو جارية أو فرس جازت المكاتبة لان الجهالة ههنا جهالة الوصف انه جيد أو ردئ أو وسط وانها لا تمنع صحة التسمية كما في النكاح والخلع والأصل ان الحيوان يثبت دينا في الذمة في مبادلة المال بغير المال كما في النكاح ونحوه فتصح التسمية ويقع على الوسط كما في باب الزكاة والدية والنكاح وكذا لو كاتبه على وصيف يجوز ويقع على الوسط ولو جاء العبد بقيمة الوسط في هذه المواضع يجبر المولى على القبول كما في النكاح والخلع ونحوهم ولو كاتبه على لؤلؤة أو ياقوتة لم ينعقد لان الجهالة متفاحشة ولو كاتبه على كر حنطة أو ما أشبه ذلك من المكيل والموزون ولم يصف يجوز وعليه الوسط من جنسه لأنه ثبت دينا في الذمة في مبادلة المال بالمال إذا كان موصوفا ويثبت في مبادلة ما ليس بمال بمال وان لم يكن موصوفا كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد والاعتاق على مال والمكاتبة معاوضة ما ليس بمال بمال في جانب المولى فتجوز المكاتبة عليه ويجب الوسط ولو كاتبه على حكمه أو على حكم نفسه لم تنعقد لان الجهالة ههنا أفحش من جهالة النوع والقدر لان البدل هناك مسمى ولا تسمية للبدل ههنا رأسا فكانت الجهالة أكثر والى هذا أشار في الأصل فقال أرأيت لو حكم المولى عليه بملء ء الأرض ذهبا كان يلزمه أو حكم العبد على نفسه بفلس هل كان يعتق فلم ينعقد العقد أصلا فلا يعتق بالحكم وان كاتب على ألف درهم إلى العطاء أو إلى الدياس أو إلى الحصاد أو نحو ذلك مما يعرف من الأجل جاز استحسانا والقياس ان لا يجوز لان الأجل مجهول وجهالة الأجل تبطل البيع فتبطل المكاتبة وجه الاستحسان ان الجهالة تدخل في صلب العقد لأنها لا ترجع إلى البدل وإنما دخلت في أمر زائد ثم هي غير متفاحشة فلا توجب فساد المكاتبة وكجهالة الوصف بخلاف البيع إلى هذه الأوقات انه يفسد لان الجهالة لا توجب فساد العقد لذلتها بل لافضائها إلى المنازعة عل ما تجرى في هذا القدر في المكاتبة لان مبناها على المسامحة
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222