المكاتب من مال الكتابة فلم يقبل فهو حر وعليه ان يؤدى الكتابة لان الابراء يصح من غير قبول الا انه يرتد بالرد لكن فيما يحتمل الرد والعتق لا يحتمل الرد فلم يرتد بالرد والمال يحتمل الرد فيرتد بالرد فيعتق يلزمه المال ولو قال لامته أنت حرة على ألف درهم فقبلت ثم ولدت ثم ماتت لم يكن على الولد أن يسعى في شئ مما أعتقت عليه لأنها عتقت بالقبول ودين الحرة لا يلزم ولدها وسواء أعتق عبده على عوض فقبل أو نصف عبده على عوض فقبل انه يصح غير أنه إذا أعتق نصفه على عوض فقبل يعتق نصفه بالعوض ويسعى العبد في نصف قيمته عن النصف الآخر فإذا أدى بالسعاية عتق باقيه وهو قبل الأداء بمنزلة المكاتب في جميع أحكامه الا انه لا يرد في الرق وهذا قول أبي حنيفة وعلى قول أبى يوسف ومحمد يعتق كله ولا سعاية عليه بناء على أن العتق يتجزأ عنده فعتق البعض يوجب عتق الباقي فيجب تخريجه إلى العتاق فيلزمه السعاية وعندهما لا يتجزأ فكان عتق البعض بعوض للكل بذلك العوض وذكر محمد في الزيادات فيمن قال لعبده أنت حر على ألف درهم أنت حر على مائة دينار فقال العبد قد قبلت عتق وكان عليه المالان جميعا وكذا لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا على مائة دينار فقالت قد قبلت طلقت ثلاثا بالمالين جميعا وهذا قول محمد وقال أبو يوسف في مسألة الطلاق القبول على الكلام الأخير وهي طالق ثلاثا بمائة دينار قال الكرخي وكذلك قياس قوله في العتق ووجهه انه لما أوجب العتق بعوض ثم أوجبه بعوض آخر فقد انفسخ الايجاب الأول فتعلق القبول بالثاني كما في البيع ولمحمد ان الاعتاق والطلاق على مال تعليق من جانب المولى والزوج وانه لا يحتمل الانفساخ فلم يتضمن الايجاب الثاني انفساخ الأول فيصح الايجابان وينصرف القبول إليهما جميعا إذ هو يصلح جواب لهما جميعا فيلزم المالان جميعا بخلاف البيع لان ايجاب البيع يحتمل الفسخ فيتضمن الثاني انفساخ الأول ولو باع المولى العبد من نفسه أو وهب له نفسه على عوض فله ان يبيع العوض قبل القبض لأنه مملوك بسبب لا ينفخ بهلاكه فجاز التصرف فيه قبل قبضه كالميراث وله ان يعتقه على مال مؤجل ويكون ذلك دينا عليه مؤجلا وله ان يشترى منه شيئا يدا بيد ولا خير فيه نسيئة لان من أصل أصحابنا أن جميع الديون يجوز التصرف فيها قبل القبض كأثمان البياعات والعروض والغصوب الا بدل الصرف والسلم الا انه لا بد من القبض في المجلس لئلا يكون افتراقا عن دين بدين ولو أعطاه كفيلا بالمال الذي أعتقه عليه فهو جائز لأنه صار حرا بالقبول والكفاية بدين على حر جائزة كالكفاية بسائر الديون وولاؤه يكون للمولى لأنه عتق على ملكه والمال دين على العبد لأنه في جانبه معاوضة والمولى أيضا لم يرض بخروجه عن ملكه الا ببدل وقد قبله العبد والله عز وجل اعلم وأما بيان ما تصح تسميته من البدل وما لا تصح وبيان حكم التسمية وفسادها فالبدل لا يخلو اما أن يكون عين مال واما أن يكون منفعة وهي الخدمة فإن كان عين مال فاما أن يكون بعينه بأن كان معينا مشارا إليه واما إن كان بغير عينه بأن كان مسمى غير مشار إليه فإن كان بعينه عتق إذا قبل لأن عدم ملكه لا يمنع صحة تسميته عوضا لأنه مال معصوم متقوم معلوم ثم إن أجاز المالك سلم عينه إلى المولى وان لم يجز فعلى العبد قيمة العين لان تسميته قد صحت ثم تعذر تسليمه لحق الغير فتجب قيمته إذ الاعتاق على القيمة جائز كما إذا قال أعتقك على قيمة رقبتك أو على قيمة هذا الشئ فقبل يعتق وكذا عدم الملك في باب البيع لا يمنع صحة التسليم أيضا حتى لو اشترى شيئا بعبد مملوك لغيره صح العقد الا أن هناك ان لم يجز المالك يفسخ العقد إذ لا سبيل إلى ايقاعه على القيمة إذ البيع على القيمة بيع فاسد وههنا لا يفسخ لامكان الايقاع على القيمة إذ الاعتاق على القيمة اعتاق صحيح فتجب قمته كما في النكاح والخلع والطلاق على مال وإن كان بغير عينه فإن كان المسمى معلوم الجنس والنوع والصفة كالمكيل والموزون فعليه المسمى وإن كان معلوم الجنس والنوع مجهول الصفة كالثياب الهروية والحيوان من الفرس والعبد والجارية فعليه الوسط من ذلك وإذا جاء بالقيمة يجبر المولى على القبول لان جهالة الصفة لا تمنع صحة التسمية فيما وجب بدلا عما ليس بمال كالمهر وبدل الخلع والصلح من دم العمد وإن كان مجهول الجنس كالثوب والدابة والدار فعليه قيمة نفسه لان الجهالة متفاحشة ففسدت التسمية والأصل فيه ان كل
(٧٥)