وكذا العرب تقول ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم من أي نطأ المطر إذا المطر نزل من السماء ونحو ذلك من مواضع الاستعمال والبنوة في الملك ملازمة للحرية فجاز ان يكنى بقوله هذا ابني عن قوله هذا معتقي وذكر الصريح والكناية في الكلام سواء لو صرح فقال هذا معتقي عتق فكذا إذا كنى به وأما المجاز فلان من طرقه المشابهة بين الذاتين وفي المعنى الملازم المشهور في محل الحقيقة فيطلق اسم المستعار عنه على المستعار له لاظهار المعنى الذي هو ظاهر في المستعار عنه خفى في المستعار له كما في الأسد مع الشجاع والحمار مع البليد ونحو ذلك وقد وجد هذا الطريق هنا من وجهين أحدهما ان الابن في اللغة اسم للمخلوق من ماء الذكي والأنثى وفيه معنى ظاهر لازم وهو كونه منعما عليه من جهة الأب بالاحياء لاكتساب سبب وجوده وبقائه بالتربية والمعتق منعم عليه من جهة المعتق إذ الاعتاق انعام على المعتق وقال الله عز وجل وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه قيل في التفسير أنعم الله تعالى عليه بالاسلام وأنعمت عليه بالاعتاق فكان بينهما مشابهة في هذا المعنى أنه معنى لازم مشهور فيجوز اطلاق اسم الابن علي المعتق مجاز الاظهار نعمة العتق كاطلاق اسم الأسد على الشجاع والحمار على البليد والثاني ان بين معتق الرجل وبين ابنه الداخل في ملكه مشابهة في معنى الحرية وهو معنى لازم للابن الداخل في ملكه بحيث لا ينفك عنه وانه مشهور فيه فوجد طريق الاستعارة فصحت الاستعارة وقد خرج الجواب عن قولهم إن العتق اما ان ثبت ابتداء أو بناء على النسب لأنا نقول ابتداء لكن بأحد الطريقين وهو الكناية أو المجاز على ما بينا ولا يلزم على أبي حنيفة ما إذا قال لامرأته هذا بنتي ومثله لا يلد مثلها انه لا تقع الفرقة بينهم لان اقراره بكونها بنتا له نفى النكاح لأجل النسب وههنا لم يثبت النسب فلا ينتفى النكاح فاما ثبوت العتق فليس يقف على ثبوت والدليل على الفرقة بين المسئلتين انه لو قال لزوجته وهي معروفة النسب من الغير هذه بنتي لم تقع الفرقة ولو قال لامته هذه بنتي وهي معروفة النسب تعتق وما افترقا الا لما قلنا وكذا لو قال لزوجته هذه بنتي وهي تصلح بنتا له ثم قال أوهمت أو أخطأت لا تقع الفرقة ولو قال لامته هذه بنتي وهي تصلح بنتا له ثم قال أوهمت أو أخطأت يقع العتق فدل على التفريق بينهما وكذلك لو قال هذا أبى فإن كان يصلح أبا له وليس للقائل أب معروف يثبت النسب والعتق بلا خلاف وإن كان يصلح أبا له ولكن للقائل أب معروف لا يثبت النسب ويعتق عندنا خلافا للشافعي وإن كان لا يصلح أبا له يثبت النسب بلا شك ولكن يعتق عند أبي حنيفة وعندهما لا يعتق وكذا لو قال هذه أمي فالكلام فيه كالكلام في الأب وأما الكلام في الحرية بأن كان المملوك أمة ففي كل موضع يثبت النسب تثبت الحرية والا فلا ولو قال لعبده هذه بنتي أو قال لامته هذا ابني اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يعتق وقال بعضهم لا يعتق ولو قال لمملوكه هذا عمى أو خالي يعتق بلا خلاف بين أصحابنا ولو قال هذا أخي أو أختي ذكر في الأصل انه لا يعتق بخلاف قوله هذا ابني أو أبى أو عمى أو خالي وروى الحسن عن أبي حنيفة انه يعتق كما في قوله عمى أو خالي وجه هذه الرواية ان هذا وصف مملوكه بصفة من يعتق عليه إذا ملكه فيعتق عليه كما إذا قال هذا أعمى أو خالي وجه رواية الأصل ان قوله هذا أخي يحتمل تحقيق العتق ويحتمل الاكرام والتخفي به لأنه يستعمل في ذلك عرفا وشرعا قال الله تعال فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم فلا يحمل على العتق من غير نية بخلاف اسم الخال والعم فإنه لا يستعمل في الاكرام عرفا وعادة فلا يقال هذا خالي أو عمى على إرادة الكرام فكان ذكره للتحقيق وبخلاف قوله هذا بنى أو هذا أبى لأنه لا يستعمل في الاكرام عرفا وشرعا وقد منع الشرع من ذلك قال الله تعالى وما جعل أدعياءكم أبناءكم وقال سبحانه وتعالى أدعو هم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانك في الدين ومواليكم روى أنهم كانوا يسمون زيد بن حارثة زيد بن محمد فنزل قوله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فكفوا عن ذلك وان لم يكن مستعملا في الاكرام يحمل على التحقيق وأما النداء فهو أن يقول يا ابني يا أبى يا ابنتي يا أمي يا خالي يا عمى أو يا أختي أو يا أخي على رواية الحسن لا يعتق في هذه الفصول لان الغرض بذكر اسم النداء هو استحضار المنادى لا تحقيق معنى الاسم فيه الا إذا كان الاسم موضوعا له على ما بينا
(٥٢)