بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٥٤
يكتب لتجويد الخط فالتحقيق بسائر الكنايات فافتقر إلى النية والكلام في هذا كالكلام في الطلاق وقد ذكرناه في الطلاق وكذا الإشارة من الأخرس إذا كانت معلمة مفهومة المراد لأنها في الدلالة على المراد في حقه كالعبارة في الطلاق والأصل في قيام الإشارة مقام العبارة قوله خطابا لمريم عليها السلام فقولي انى نذرت للرحمن صوما أي صمتا وامساكا وذلك على الإشارة لا على القول منها وقد سماها الله تعالى قولا فدل أنها تعمل عمل القول وأما الألفاظ التي يقع بها العتق أصلا نوى أو لم ينو فنحو أن يقول لعبده قم أو اقعد أو اسقني ونوى به العتق لأن هذه الألفاظ لا تحمل العتق فلا تصح فيها نية العتق وكذا لو قال لا سلطان لي عليك لان السلطنة عبارة عن نفاذ المشية على وجه القهر فانتفاؤها لا يقتضى انتفاء الرق كالمكاتب فلا يقتضى العتق بخلاف قوله لا سبيل لي عليك لأنه نفى السبل كلها ولا ينتفى السبيل عليها مع قيام الرق ألا ترى أن للمولى على مكاتبة سبيل المطالبة ببدل الكتابة وكذا السلطان يحتمل الحجة أيضا فقوله لا سلطان لي عليك أي لا حجة لي عليك وانتفاء حجته على عبده لا يوجب حريته وكذا لو قال لعبده اذهب حيث شئت أو توجه حيث شئت من بلاد الله تعالى يريد به العتق أو قال له أنت طالق أو طلقتك أو أنت بائن أو ابنتك أو قال لامته أنت طالق أو طلقتك أو أنت بائن أو ابنتك أنت على حرام أو حرمتك أو أنت خليفة أو برية أو بتة أو اذهبي أو أخرجي أو اعزبي أو تقنعي أو استبرئي أو اختاري ونوى العتق فاختارت وغير ذلك مما ذكرنا في الطلاق وهذا عندنا وعند الشافعي يقع العتق بها إذا نوى ولقب المسألة أن صريح الطلاق وكناية لا يقع بها العتاق عندنا خلافا له وجه قوله أن قوله لمملوكته أنت طالق أو طلقتك اثبات الاطلاق أو إزالة القيد وانه نوعان كامل وذلك بزوال الملك والرق وهو تفسير العتق وناقص ذلك بزوال اليد لا غير كما في المكاتب والمأذون فإذا نوى به العتق فقد نوى أحد النوعين فنوعين فنوى ما يحتمله كلامه فصحت نيته ولهذا إذا قال لزوجته أنت حرة ونوى به الطلاق طلقت كذا هذا ولنا أن هذه الألفاظ المضافة إلى المملوك عبارات عن زوال يد المالك عنه أما قوله أنت طالق فلان الطلاق عبارة عن رفع القيد والقيد عبارة عن المنع عن العمل لا عن الملك والمانع يد المالك فرع المانع يكون بزوال يد المالك عن المملوك لا يقتضى العتق كالمكاتب وكذا قوله اذهب حيث شئت أو توجه إلى أين شئت لأنه عبارة عن رفع اليد عنه وانه لا ينفى الرق كالمكاتب وبه تبين أن القيد ليس بمتنوع بل هو نوع واحد وزواله عن المملوك لا يقتضى زوال الملك كالمكاتب وكذا قوله أنت بائن أو ابنتك لأنه ينبئ عن الفصل والتبعيد وكذا التحريم يجامع الرق كالأخت من الرضاعة والأمة المجوسية ونحو ذلك بخلاف قوله لامرأته أنت حرة لان التحريم تخليص والقيد ثبوت فينا فيه ولان ملك اليمين لا يثبت بلفظ النكاح وما لا يملك بلفظ النكاح لا يزول الملك عنه بلفظ الطلاق كسائر الأعيان وهذا لان الطلاق رفع ما يثبت بالنكاح فإذا لم يثبت ملك اليمين بلفظ النكاح لا يتصور رفعه بلفظ الطلاق بخلاف قوله لامرأته أنت حرة ونوى به الطلاق لان ملك المتعة لا يختص ثبوته بلفظ النكاح فإنه كما يثبت بغير النكاح يثبت بغيره من الشراء وغيره فلا يختص زواله بلفظ الطلاق ألا ترى أنه يزول بردة المرأة وكذا بشرائها بان اشترى الزوج امرأته فجاز أن يزول بلفظ التحرير ولو قال لعبده رأسك رأس حر أو بدنك بدن حر أو فرجك فرج حر لم يعتق لان هذا تشبيه لكن بحذف حرف التشبيه وانه جائز من باب المبالغة قال الله تعالى وهي تمر مر السحاب أي كمر السحاب وقال الشاعر وعيناك عيناه وجيدك جيدها * سوى أن عظم الساق منك دقيق فتشبيه الشئ بالشئ لا يقتضى المشاركة بنيهما في جميع الصفات وهذا معنى قولهم كلام التشبيه لا عموم له قال الله عز وجل كأنهن الياقوت والمرجان وقال تعالى كأنهن بيض مكنون فلا يعتق ولو نون فقال رأسك رأس حر وبدنك بدن حر وفرجك فرج حر فهو لان هذا ليس بتشبيه بل هو وصف وقد وصف جملة أو ما يعبر به عن جملة بالحرية فيعتق لو قال ما أنت الا مثل الحر لم يعتق في القضاء ولا فيما بينه وبين الله تعالى كذا ذكر في الأصل
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222