بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٤٨
الكلام الشافعي فمبنى على أن القرابة المحرمة للنكاح فيما سوى الولاد وهي قرابة الاخوة والعمومة والخؤولة حرام القطع عندنا وعنده لا يحرم قطعها وعلى هذا يبنى وجوب القطع بالسرقة ووجوب النفقة في هذه القربة انه لا يقطع ويجب النفقة عندنا خلافا له ولا خلاف في أن القرابة الولاد حرام القطع ولا خلاف أيضا في أن القرابة التي لا تحرم النكاح كقرابة بين الأعمام غير محرمة القطع فالشافعي يلحق هذه القرابة بقرابة بنى الأعمام ونحن نلحقها بقرابة الولاد وجه قوله إن العتق إنما يثبت بالقرابة لكون العتق صلة وكون القرابة مستدعية للصلة والاحسان إلى القريب والعتق من أعلى الصلات فلا يثبت الا بأعلى على القرابات وهي قرابة بنى الأعمام ولهذا الحق بها في كثير من الأحكام وهي جريان القصاص في نفس والطرف وقبول الشهادة والحبس بالدين وجواز الاستئجار ونكاح الحليلة وعدم التكاتب ولنا ان قرابة الولاد إنما أوجبت العتق عند الملك لكونها محرمة القطع وابقاء الملك في القريب يفضى إلى قطع الرحم لان الملك نفسه من باب الذل والهوان فيورث وحشة وانها توجب التباعد بين القريبين وهو تفسير قطعية الرحم وشرع السبب المفضى إلى القطع مع تحريم القطع متناقض فلا يبقى الملك دفعا للتناقض فلا يبقى الرق ضرورة لأنه لم يشرع بقاؤه في المسلم والذمي الا لأجل الملك المحترم للمالك المعصوم وإذا زال الرق ثبت العتق ضرورة والقرابة المحترمة للنكاح محرمة القطع لان النصوص المقتضية لحرمة قطع الرحم عامة أو مطلقة قال الله تبارك وتعالى واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام معناه واتقوا الله الذي تساءلون به فلا تعصوه واتقوا الأرحام فلا تقطعوها ويحتمل أن يكون معناه واتقوا الله وصلوا الأرحام وقد روى في الاخبار عن رسول الله صلى الله وسلم أنه قال صلوا الأرحام فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة والامر بالوصل يكون نهيا عن القطع لأنه ضده والامر بلا فعل نهى عن ضده وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال الرحم شجنة من الله تعالى معلقة بالعرش تقول يا رب هذا مقام العائذ بك قطعت ولم أوصل فيقول الله تبارك وتعالى أما يكفيك انى شققت لك اسما من اسمي أنا الرحمن وأنت الرحم فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتته ومثل هذا الوعيد لا يكون الا بارتكاب المحرم فدل ان قطع الرحم حرام والرحم هو القرابة سميت القرابة رحما اما باعتبار ان الرحم مشتق من الرحمة كما جاء في الحديث والقرابة سبب الرحم والشفقة على القريب طبعا واما باعتبار العضو المخصوص من النساء المسمى بالرحم محل السبب الذي يتعلق به وجود القرابات فكان كل قرابة أو مطلق القرابة محرمة القطع بظاهر النصوص الا ما خص أو قيد دليل ثم نخرج الأحكام أما جريان القصاص فلا يفضى إلى قطع الرحم لان القصاص جزاء الفعل وجزاء الفعل يضاف إلى الفاعل فكان الأخ القاتل أو القاطع هو قاطع الرحم فكأنه قتل نفسه أو فقطع طرفه باختياره وكذا الحبس بالدين لأنه جزاء المطل الذي هو جناية فكان مضافا إليه وأما الإجارة فهي عقد معاوضة وهو تمليك المنفعة بالمال وانه حصل باختيارة فلا يفضى إلى القطع الا انه لا يجوز استئجار الأب ابنه في الخدمة التي يحتاج إليها الأب لا لأنه يفضى إلى قطعية الرحم بل لا ن ذلك يستحق على الابن شرعا فلا يجوز ان يستحق الا جر في مقابلته فلا يدخل في العقد ولو استأجر الابن أباه يصح ولكن يفسخ احتراما للأب ونحن نسلم ان للأب زيادة احترام شرعا يظهر في حق هذا وفي حق القصاص والحبس ولا كلام فيه وأما نكاح الحليلة فإنه وإن كان فيه نوع من الغضاضة لكن هذا النوع من الغضاضة غير معتبر في تحريم القطع فلان الجمع بين الأختين حرم للصيانة عن قطيعة الرحم ثم يجوز نكاح الأخت بعد طلاق أختها وانقضاء عدتها وإن كان لا يخلو عن نوع غضاضة وأما التكاتب فعند أبي يوسف ومحمد يتكاتب الأخ كما في قرابة الولاد وعن أبي حنيفة فيه روايتان ثم نقول عدم تكاتيب الأخ لا يفضى إلى قطعية الرحم لان ملكه لا يصلح للتكاتب لأنه من باب الصلة والتبرع وملك المكاتب ملك ضروري لا يظهر في حق التبرع والعتق فإذا لم يكاتب عليه لم يقدر الأخ على إزالة الذل عنه وهو الملك فلا يفضى إلى الغضاضة بخلاف الولد لان ملك المكاتب وإن كان ضروريا لم يشرع الا في حق حرية نفسه لكن
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222