بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ١٣٠
يمنع جواز البيع وروى أن سعيد بن المسيب سئل عن بيع أمهات الأولاد فقال إن الناس يقولون إن أول من أمر بعتق أمهات الأولاد عمر بن الخطاب وليس كذلك لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من أعتقهن ولا يجعلن في الثلث ولا يستسعين في دين وعن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بعتق أمهات الأولاد وان لا يبعن في الدين ولا يعجلن في الثلث وكذا جميع التابعين على أنه لا يجوز بيع أم الولد فكان قول بشر وأصحاب الظواهر مخالفا للاجماع فيكون باطلا ومن مشايخنا من قال عليه اجماع الصحابة أيضا لما روى عن علي رضي الله عنه انه سئل عن بيع أمهات الأولاد فقال كان رأيي ورأي عمر أن لا يبعن ثم رأيت بيعهن فقال له عبيدة السلماني رأيك مع الجماعة أحب إلى من رأيك وحدك وفى رواية أخرى عن علي رضي الله عنه اجتمع رأى ورأي عمر في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عتق أمهات الأولاد ثم رأيت بعد ذلك ان يبعن في الدين فقال عبيدة رأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلى من رأيك في الفرقة فقول عبيدة في الجماعة إشارة إلى سبق الاجماع من الصحابة رضي الله عنهم ثم بدا لعلي رضي الله عنه فيحمل خلافه على أنه كان لا يرى استقرار الاجماع ما لم ينقرض العصر ومنهم من قال كانت المسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم فكان على وجابر رضي الله عنهما يريان بيع أم الولد لكن التابعين أجمعوا على أنه لا يجوز والاجماع المتأخر يرفع الخلاف المتقدم عند أصحابنا لما عرف في أصول الفقه ولان أم الولد تعتق عند موت السيد بالاجماع ولا سبب سوى الاستيلاد السابق فعلم أنه انعقد سببا للحال لثبوت الحرية بعد الموت وأنه يمنع جواز البيع لما بينا في التدبير وأما حديث جابر رضي الله عنه فيحتمل أنه أراد بالبيع الإجارة لأنها تسمى بيعا في لغة أهل المدينة ولأنها بيع في الحقيقة لكونها مبادلة شئ مرغوب بشئ مرغوب ويحتمل أنه كان في ابتداء الاسلام حينما كان بيع الحر مشروعا ثم انتسخ بانتساخه فلا يكون حجة مع الاحتمال وأما قوله إنها مملوكة للمستولد فنعم لكن هذا لا يمنع انعقاد سبب الحرية من غير حرية أصلا ورأسا وهذا القدر يكفي للمنع من جواز البيع لما ذكرنا في كتاب التدبير وسواء كان المستولد مسلما أو كافرا مرتدا أو ذميا أو مستأمنا خرج إلى ديارنا ومعه أم ولده لا يجوز له بيعها لأنها أم الولد لان أمية الولد تتبع ثبات النسب والكفر لا يمنع ثبوت النسب ولما دخل المستأمن دار الاسلام بأمان فقد رضى بحكم الاسلام ومن حكم الاسلام أن لا يجوز بيع أم الولد وكذلك كل تصرف يوجب بطلان حق الحرية الثابتة لها بالاستيلاد لا يجوز كالهبة والصدقة والوصية والرهن لأن هذه التصرفات توجب زوال ملك العين فيوجب بطلان هذا الحق وما لا يوجب بطلان هذا الحق فهو جائز كالإجارة والاستخدام والاستسعاء والاستغلال والاستمتاع والوطئ لأنها تصرف في المنفعة لا في العين والمنافع مملوكة له والأجرة والكسب والغلة والعقر والمهر للمولى لأنها بدل المنفعة والمنافع على ملكه وكذا ملك العين قائم لان العارض وهو التدبير لم يؤثر الا في ثبوت حق الحرية من غير حرية فكان ملك اليمين قائما وإنما الممنوع منه تصرف يبطل هذا الحق وهذه التصرفات لا تبطله وكذا الأرش له بدل جزء هو ملكه وله أن يزوجها لان التزويج تمليك المنفعة ولا ينبغي أن يزوجه حتى يستبرئها بحيضة لاحتمال أنها حملت منه فيكون النكاح فاسد أو يصير الزوج بالوطئ ساقيا ماءه زرع غيره فكان لتزويج تعريضا للفساد فينبغي أن يتحرز من ذلك بالاستبراء لكن هذا الاستبراء ليس بواجب بل هو مستحب كاستبراء البائع ولو زوجها فولدت لأقل من ستة أشهر فهو من المولى والنكاح فاسد لأنه تبين أنه زوجها وفى بطنها ولد ثابت النسب منه وان ولدت لأكثر من ستة أشهر فهو ولد الزوج لان الزوج له فراش والولد للفراش على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فراش للمولى لزوال فراشه بالنكاح فان ادعاه المولى وقال هذا ابني لا يثبت نسبه منه لسبق ثبوته من غيره وهو الزوج فلا يتصور ثبوته فلا تصح دعوته لكنه يعتق عليه لأنه في ملكه وقد أقر بحريته فيعتق عليه وان لم يثبت نسبه منه كما إذا قال لعبده هذا ابني وهو معروف النسب من الغير ونسب ولد أم الولد يثبت من المولى من غير دعوة عند عدم الحرية الا إذا حرمت عليه حرمة مؤبدة فجاءت بولد لستة أشهر من وقت
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222