مسلم. قال ابن حجر: واختلف فيما قبل ذلك فذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الاسراء صلاة مفروضة إلا ما وقع الامر به من الصلاة الليل من غير تحديد. وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وعليه اقتصر في المقدمات فقال:
وكان بدء الصلاة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتين غدوا وركعتين عشيا. وروي عن الحسن في قوله تعالى: * (وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار) * أنها صلاته بمكة حين كانت الصلاة ركعتين غدوا وركعتين عشيا، فلم يزل فرض الصلاة على ذلك ما كان رسول الله (ص) والمسلمون بمكة تسع سنين، فلما كان قبل الهجرة بسنة أسرى الله بعبده ورسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به جبريل إلى السماء، ثم ذكر حديث الاسراء. ونحوه في النوادر في أول كتاب الصلاة قال: ومن كتاب ابن حبيب وغيره قال: فرضت الصلوات الخمس ليلة الاسراء بالنبي (ص) وذلك بمكة قبل الهجرة بسنة، وكان الفرض قبل ذلك ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي، فأول ما صلى جبريل بالنبي (ص) الظهر فسميت الأولى. قال غير ابن حبيب: إن فرض الوضوء إنما نزل بالمدينة في سورة المائدة وكان الطهر بمكة سنة. قاله ابن مسعود انتهى. وقد اختلف السلف في الاسراء والمعراج هل وقعا في ليلة واحدة وإليه ذهب الجمهور من المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواترت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة . وقال بعضهم: كان الاسراء في ليلة والمعراج في ليلة متمسكا بظاهر بعض الروايات وهي قابلة للتأويل. والمراد بالاسراء الذهاب إلى بيت المقدس وبالمعراج العروج إلى السماء.
فائدة: قال ابن حجر: والحكمة في وقوع فرض الصلاة ليلة المعراج أنه لما قدس ظاهرا وباطنا حين غسل بماء زمزم وملئ بالايمان والحكمة، ومن شأن الصلاة أن يتقدمها الطهور، ناسب ذلك أن تفرض الصلاة في تلك الحالة، وليظهر شرفه (ص) في الملا الأعلى ممن ائتم به من الأنبياء والملائكة وليناجي ربه، ومن ثم كان المصلي يناجي ربه. قال ابن العربي في شرح الترمذي: قوله (ص) في حديث الأوقات حكاية عن جبريل: هذا وقت الأنبياء قبلك يوهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لمن تقدم من الأنبياء، ولم تكن هذه الصلوات على هذا الميقات إلا لهذه الأمة خاصة وإن كان غيرهم قد شاركهم في بعضها، ولكن معنى الحديث أن هذا الوقت الموسع المحدود بطرفين مثل وقت الأنبياء قبلك أي صلاتهم كانت واسعة الوقت ذات طرفين انتهى.
فائدة: قال في المقدمات: واختلف في قول الله عز وجل * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * وما أشبه من ألفاظ الصلاة الواردة في القرآن فقيل:
إنها مجملة لا يفهم المراد بها من لفظها وتفتقر في البيان إلى غيرها، فلا يصح الاستدلال بها على صفة ما أوجبته وهو ظاهر قول مالك في سماع ابن القاسم من كتاب الحج. وقوله:
والحج كله في كتاب الله والصلاة والزكاة ليس لهما في كتاب الله بيان والنبي (ص) بين