الألفاظ الشرعية، فلفظ الصلاة عنده مستعمل في حقيقته اللغوية وهي الدعاء. فإذا قيل له:
الدعاء ليس مجزيا وحده ويصح بغير طهارة يقول: عدم الاجزاء لدلالة الأدلة على ضم أمور أخر لا من لفظ الصلاة. والفرق بين القول الأول والثاني أن النقل لا يشترط فيه مناسبة المعنى المنقول إليه للمعنى المنقول منه بخلاف المجاز، وعلى الثاني فقيل: إنما سميت هذه العبادة صلاة لاشتمالها على المعنى اللغوي الذي هو الدعاء. قال ابن رشد: وهذا هو المشهور المعروف. قال القرافي: وعليه أكثر الفقهاء. وقيل: للدعاء معنيان: دعاء مسألة ودعاء عبادة وخضوع وبه فسر قوله تعالى: * (ادعوني أستجب لكم) * فقيل: المعنى أطيعوني أثبكم. وقيل: سلوني أعطكم. وحال المصلي كحال السائل الخاضع فسميت أفعاله صلاة. وقيل: هي مأخوذة من الصلوين وهما عرقان في الردف وأصلهما الصلاة وهو عرف في الظهر يفترق عند عجم الذنب. وقيل: هما عظمان ينحنيان في الركوع والسجود. كذا قال في التنبيهات: قال القرافي: ولما كان يظهران من الراكع سمي مصليا وفعليه صلاة ومنه المصلي وهو التالي من حلبية السباق لأنه رأس فرسه يكون عند صلوي الأول. قالوا: ولهذا كتبت الصلاة في المصحف بالواو. واختار هذا القول النووي فقال في تهذيب الأسماء: اختلف في اشتقاق الصلاة فالأظهر الأشهر أنها من الصلوين وهما عرقان من جانبي الذنب وعظمان ينحنيان في الركوع والسجود انتهى. فجمع بين القولين اللذين ذكرهما القاضي عياض في تفسير الصلوين.
قال في التنبيهات: وقيل: لأنها ثانية الايمان وتاليته كالمصلي من الخيل في حلبة السباق. وقيل:
لأن فاعلها متبع للنبي (ص) كما يتبع الفرس الثاني الأول. وقيل: مأخوذة من تصلية العود على النار ليقوم، ولما كانت الصلاة تقيم العبد على طاعة الله تعالى وخدمته وتنهاه عن خلافه كانت مقومة لفاعلها، كما قال الله تعالى: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * وقيل: مأخوذة من الصلة لأنها صلة بين العبد وربه بمعنى أنها تدنيه من رحمته وتوصله إلى كرامته وجنته. وقيل: إن أصل الصلاة الاقبال على الشئ تقربا إليه وفي الصلاة هذا المعنى. وقيل: معناها اللزوم فكان المصلي لزم هذه العبادة. وقيل: من الرحمة والصلاة رحمة.
وقيل: لأنها تفضي إلى المغفرة تسمى صلاة قال تعالى: * (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) *.
تنبيهان: الأول: قولنا: وضع الشرع ونقل الشرع على حذف مضاف أي صاحب الشرع. قال القرافي: لأن الشرع هو الرسالة والرسالة لا تضع لفظا إنما يتصور الوضع من صاحب الشرع هو الذي هو الله تعالى انتهى. والصلوين بفتح الصاد واللام تثنية صلى بالقصر، وحلبة السباق بفتح الحاء المهملة وسكون اللام قال في الصحاح: خيل تجمع للسباق من كل أوب أي ناحية لا تخرج من إصطبل واحد انتهى. والسباق بكسر السين المسابقة. وقولهم:
صليت العود على النار بالتشديد. نقله الدميري في شرح سنن ابن ماجة قال: واعترض النووي