بالوقت ما يمكن أن تفعل فيه الصلاة، ولا شك أن المكلف قد يوقعها خارج وقتها المقدر لها شرعا إما عمدا أو سهوا. وعرف ابن الحاجب وغيره وقت الأداء بأنه ما قيد الفعل به أولا.
فقوله: ما أي وقت قيد الفعل به بخطاب أو لا فخرج بقوله: قيد ما لم يقدر له وقت من النوافل المطلقة فإن الشارع لم يقدر لها وقتا فلا توصف بالأداء ولا بالقضاء، وقوله: " أولا " احتراز من القضاء فإنه بخطاب ثان بناء على رأي الأصوليين أن القضاء بأمر جديد كوقت الذكر للناسي. والظاهر أنه احترز به من ذكر وقت الصلاة لمن نسيها فإنه قيد به الفعل ثانيا بخطاب، لكن قوله (ص): من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها هكذا في الصحيحين، زاد البيهقي فإن ذلك وقتها والله أعلم. قال في التوضيح: ويحتمل أن يريد فعلا أولا ليخرج الإعادة كما قال الأصبهاني في شرح المختصر. وقد حكى عن المصنف يعني ابن الحاجب أنه قال: احترزت بقولي: أولا من الإعادة وفيه نظر، لأنه على هذا تكون الإعادة خارجة عن الأداء وليس كذلك. ولا بد من زيادة شرعا كما فعل المصنف في الأصول ليخرج بذلك ما قيد الفعل به ولا شرعا كما إذا قيد السيد لعبده خياطة ثوب بوقت، وكتعيين الامام لاخذ الزكاة شهرا. لكن المصنف إنما حد هنا وقت الصلاة فلا يرد عليه ما ذكر، بخلاف المختصر فإنه إنما تكلم على الأداء من حيث هو انتهى. وقال ابن عرفة: وقت الأداء ابتداء تعلق وجوبها باعتبار المكلف والقضاء انقطاعه انتهى. وقال ابن الحاجب: والقضاء ما بعد الأداء، وينقسم وقت الأداء إلى اختياري وضروري. فالاختياري هو الوقت الذي لم ينه عن تأخير الصلاة إليه، والضروري هو الذي نهى عن تأخير الصلاة إليه، فلا تنافي بين العصيان والأداء كما سيأتي. وفسر المازري الاختياري بأنه وقت مطابقة امتثال الامر فيتنافى الأداء والعصيان، وقد يكون وقت الضروري لغير ذي عذر قضاء. واعترض عليه ابن عرفة بذلك مع أنه قد رضي قول ابن القصار: إن الضروري وقت أداء. قال ابن عرفة: وعزا التونسي التنافي بين الأداء والعصيان للمخالف ونفيه لنا، وزاد صاحب الطراز قسمين آخرين: وقت الرخصة والعذر، ووقت سنة يشبه الرخصة. فوقت العذر والرخصة هو ما قبل القامة للعصر في حق المسافر والمريض، وتأخير الظهر إلى بعد القامة، وكذلك في العشاءين، ووقت السنة المشابه للرخصة تقديم العصر بعرفة وتأخير المغرب للمزدلفة، وينقسم وقت الاختيار إلى وقت فضيلة ووقت توسعة، فوقت الفضيلة ما ترجح فعل الصلاة فيه على فعلها في غيره من وقت الاختيار، ووقت التوسعة ما ترجح فعلها في غيره على فعلها فيه.