مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٥١
النبي (ص) قال: لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل وهذا لأن الصلاة المكتوبة في جماعة جاء فيها فضل كبير، وكذلك المشي إلى المساجد فبالنساء أكبر حاجة إلى ذلك كما بالرجال ويرجع الحال إلى شأن المرأة، فإن عرف الرجل منها الديانة والصحة فلا بأس أن يأذن لها في ذلك، وإن عرف منها المكر ولم يتحقق له أنها تريد المسجد حتى يتحقق توجه الخطاب إليه في ذلك مقال، وقد منع النبي (ص) من يوجد منها ريح البخور أن تخرج إليه بالليل. وذكر حديث عائشة ثم قال: وقد كره مالك ذلك للشابة، ولعل هذا هو المعهود من عمل الصحابة فلا يعرف أن أبكارهن ومن ضاهاهن يخرجن إلى المسجد، ولو خرج جميع النساء لملأن المسجد وعاد لن الرجال في ذلك، ومثل ذلك كان يتصل به العمل في العدة. وكره في رواية أشهب ترداد المتجالة إليه ورأي في غيرها أن تخرج إليه المرة بعد المرة ثم قال: وخرج أبو داود عن ابن عمران أن النبي (ص) قال لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن وهذا يقتضي أن خروجهن إليها جائز وتركه أحب على ما قاله مالك في المختصر. ص: (وعلو مأموم ولو بسطح) ش: يعني أن علو المأموم على إمامة جائز ولو كان المأموم في سطح والامام أسفل منه وهذا قول مالك الأول واختيار ابن القاسم، وقد تقدم جواز ذلك في السفينة في لفظ المدونة ورجع مالك إلى كراهة ذلك. قال في كتاب الصلاة الأول من المدونة: وجائز أن يصلي في غير الجمعة على ظهر المسجد بصلاة الإمام والمأموم في داخل المسجد. ثم كرهه ابن القاسم وبأول قوله أقول انتهى. قال ابن عبد السلام: وتبعه المصنف في التوضيح وابن ناجي وغيرهم إنما لم يكرهه ابن القاسم لحصول السماع للمأموم هناك غالبا وينبغي أن يكون خلافا في حال انتهى. وقال ابن بشير: اختلف قوله في المدونة في الامام يصلي في المسجد ويصلي قوم فوق المسجد بصلاته، فكرهه مرة وأجازه أخرى. وعللت الكراهة بالبعد عن الامام أو تفرقة الصفوف وعدم التحقق لمشاهدة أفعال الامام، وعلى هذا يكون الجواز إذا قرب أعلى المسجد من أسفله فيكون خلافا في حال انتهى. ونقله ابن فرحون فقال: لبعده عن الامام. وقيل: لكونه لا يشاهد أفعاله. وقيل: لتفريق الصفوف. فعلى الأول لو كان السطح قريبا لم يكره، وعلى الثاني إن شاهد أفعال الامام أو المأمومين لم يكره، وعلى الثالث يكره مطلقا انتهى. والظاهر التعليل بالبعد، فلما رأى ابن القاسم أن هذا البعد يمكن معه مراعاة أفعال الامام بحصول السماع من غير تكلف أجازه، وكرهه في مسألة أبي قبيس المتقدمة لكثرة البعد والله أعلم.
وأشار المصنف. ب " لو " لقول مالك الذي رجع إليه والله أعلم. ص: (لا عكسه) ش: يعني وأما
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»
الفهرست