قولا، فكيف بإمامين يقيمان الصلاة في وقت واحد يقول كل واحدا منهما حي على الصلاة ويكبر كل واحد منهما، وأهل القدوة مختلطون ويسمع كل واحد قراءة الآخر؟ فهؤلاء زادوا على الخلاف الذي لسلف الأمة وخلفها ومخالفة قول رسول الله (ص) لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن والله لم يرض هذا رسول الله (ص) المتنفلين تنفلا في المسجد بل لم يرضه لمقتد اقتدى به فصلى خلفه، فكيف يرضى ذلك لإمامين منفردين هذا مما لا نعلم له نظيرا في قديم ولا حديث.
ثم قال في موضع آخر: فأما إقامة صلاة المغرب وصلاة العشاء في شهر رمضان في وقت واحد فلم يستحسنها أحد من العلماء، بل استقبحها كل من سئل عنها، ومنهم من بادر بالانكار من غير سؤال. ثم قال: وأما إذن الإمام في ذلك فلا يصيره جائزا كما لو أذن الامام للمالكي في بيع النبيذ أو التوضي به أو في أن يؤم قوما ولا يقرأ الحمد لله رب العالمين، أو في النكاح بغير ولي وأطال في ذلك، وذكر أن الشيخ أبا بكر الطرطوشي والشيخ يحيى الزناتي أنكرا هذه الصلاة وأنهما لم يصليا خلف إمام المالكية في الحرم الشريف ركعة واحدة. قال:
وكان إمام المالكية في ذلك وقت غير مغموص عليه بوجه من وجوه الفساد وهو رزين في أيام الزناتي والقابسي في أيام الطرطوشي. ثم قال: وحال هذين الرجلين مشهور عن أقراننا ومن قبلنا بيسير. ثم ذكر عن جماعة من علماء المالكية والحنفية وردوا إلى مكة في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وأنهم أنكروا صلاة الأئمة الأربعة مترتبين على الصفة المعهودة، وأنه عرض ما أملاه في عدم جواز هذه الصلاة وأنكر إقامتها على جماعة من العلماء، وأنهم وافقوه على أن المنع من ذلك هو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة. انتهى مختصرا غالبه بالمعنى. وقال الشيخ أبو إبراهيم الغساني: إن افتراق الجماعة عند الإقامة على أئمة متعددة إمام ساجد وإمام راكع وإمام يقول سمع الله لمن حمده، لم يوجد من ذكره من الأئمة ولا أذن به أحد بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، لا من صحت عقيدته ولا من فسدت، لا في سفر ولا في حضر، ولا عند تلاحم السيوف وتضام الصفوف في سبيل الله، ولا يوجد في ذلك أثر لمن تقدم فيكون له به أسوة. انتهى.
وسئل القاضي جمال الدين بن ظهيرة عن إقامة الأئمة الأربعة لصلاة المغرب في وقت واحد وقال القائل في السؤال: إن ذلك لم يكن في زمن النبوة ولا الخلفاء الراشدين ولا في زمن الأئمة الأربعة. وعن قول بعض فقهاء الإسكندرية أن المسجد الحرام كأربعة مساجد وأن ذلك مخالف لقول الله تعالى: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) * ولقول الرسول (ص) صلاة في مسجدي هذا خير من ألف