مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٣٦
المقتدى بهم في غالب الامر يقبلون بوجوههم على الجماعة من غير قيام. قال الشيخ عبد الرحمن: وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا محيد عنه، وعليه أدركنا الأئمة في الجوامع المعظمة. وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله (ص) لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس. وهو نص جلي يوافق ما تقدم انتهى.
وقال في المدخل في فضل الامام والمؤذن: وينبغي له أنه إذا سلم من صلاته أن يقوم من موضعه. ومعناه أنه يغير هيئته في جلوسه في الصلاة فيقبل على الناس بوجهه، فإذا فعل ذلك فقد أتى بالسنة لما ورد أن النبي (ص) كان إذا صلى صلاة أقبل على الناس بوجهه.
فيحصل لفاعل ذلك امتثال السنة وبقاء استغفار الملائكة ما دام في المسجد بخلاف أن لو قام من موضعه وخرج فإنه يفوت على نفسه استغفار الملائكة له. هذا إذا كان في المسجد، فإن كان في بيته أو رحله في السفر فلا بأس بجلوسه فيه وتغيير الهيئة أولى كذلك قال علماؤنا.
وبعض العلماء يقعد في مصلاه على الهيئة التي كان عليها في صلاته وذلك بدعة انتهى.
وانظر الآبي وإلا كما والقرطبي. وقال في المدخل إثر كلامه المتقدم: والمستحب في حق المأموم أن لا يتنفل في موضعه الذي صلى فيه الفريضة، بل ينتقل عنه إلى جهة أخرى فيصلي فيها، فإن لم يفعل فلا حرج انتهى. وعلى قياسه فيستحب له أنه كلما ركع ركعتين تحول إلى مكان آخر فانظره وانظر البخاري، وانظر كلام المدونة في كتاب الصلاة الأول.
فرع: ورأيت بخط بعض طلبة العلم عن ابن الفخار ما نصه: قال ابن الفخار: وأما المأموم فهو مخير بين أن يجلس أو ينصرف، ويكره أن يقوم بعد سلام الامام للنافلة. وقد ثبت في الحديث أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قام بأثر فراغه من الفرض إلى النافلة فقام إليه وجذبه بثيابه وضرب به الأرض وقال له: ما أهلك من كان قبلكم إلا أنهم كانوا لا يفلون بين الفرض والنفل، فرآه (ص) وسمع مقالته فقال: أصاب الله بك يا عمر انتهى. وذكر أن الزهري شارح الرسالة نقله عن ابن الفخار والله أعلم.
تنبيه: قال الزركشي من الشافعية في أعلام الساجد بأحكام المساجد في الكلام على المسائل المتعلقة بالمساجد الثامن والستون: كره بعض السلف اتخاذ المحاريب في المسجد.
قال الضحاك بن مزاحم: أول شرك كان في أهل الصلاة هذه المحاريب. وفي مصنف عبد الرزاق عن الحسن أنه صلى واعتزل الطاق أن يصلي فيه. وقال: كره الصلاة في طاف المسجد سعيد بن جبير ومعمر. والمراد بطاق المسجد المحراب الذي يقف فيه الامام. وفي شرح الجامع الصغير للحنفية: لا بأس أن يقوم الامام في المسجد وسجوده في الطاق، ويكره أن يقوم في الطاق لأنه يشبه اختلاف المكانين، ألا ترى أنه يكره الانفراد انتهى. والمشهور الجواز بلا كراهة ولم يزل عمل الناس عليه من غير نكير انتهى. ص:
(٤٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 ... » »»
الفهرست