مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٢١
وذلك بين في حديث إمامة جبريل أنه صلى بالنبي (ص) الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول. واختلف الذين ذهبوا إلى هذا المذهب، هل العصر هي المشاركة للظهر في آخر القامة أو الظهر هي المشاركة للعصر في أول ابتداء القامة الثانية؟ والأظهر أن العصر هي المشاركة للظهر في آخر القامة الأولى انتهى كلامه في المقدمات. وإذا قلنا: بالاشتراك بينهما على المشهور فذلك بمقدار ما يسع أحدهما، فلو أن مصليين صلى أحدهما الظهر والآخر العصر كانا مصليين في وقت الاختيار. وشهر ابن عطاء وابن راشد القول الذي استظهره ابن رشد وقدم المصنف أن الاشتراك في آخر القامة الأولى، وشهر سند وابن الحاجب القول بأن الاشتراك في أول القامة الثانية إلى هذين التشهيرين أشار بقوله: خلاف قال في التوضيح: ومنشأ الخلاف قوله في حديث جبريل: فصلى الظهر من الغد حين صار ظل كل شئ مثله هل معناه شرع أو فرغ وهو أقرب إلى حقيقة اللفظ انتهى.
تنبيهات: الأول: عكس الشارح رحمه الله تعالى في شروحه الثلاثة النقل عن سند وابن راشد وابن عطاء الله فنسب لسند تشهير القول: بأن الاشتراك في آخر القامة الأولى، ونسب لابن راشد وابن عطاء تشهير القول: بأن ذلك في أول الثانية، والصواب ما ذكرته وهو الذي نقله المصنف في التوضيح.
الثاني: حكى ابن الحاجب عن أشهب أن الاشتراك في آخر الأولى. قال في التوضيح: قال ابن راشد: لم أقف عليه في الأمهات يعني لأشهب، والمنقول عن أشهب أنه قال في مدونته: إذ الظهر تشارك العصر في القامة الثانية في مقدار أربع ركعات، نعم يؤخذ من قوله في المجموعة إذا صلى العصر قبل القامة أجزأه انتهى. قال ابن فرحون: وصرح بذلك التونسي قال: الاشتراك إنما هو في آخر القامة الأولى، وفي النوادر قال أشهب في المجموعة: إن القامة وقت لهما وهذا يدل على صحة ما نقله المصنف. وقال أشهب في المجموعة: أرجو لمن صلى العصر قبل القامة والعشاء قبل مغيب الشفق أن يكون قد صلى وإن كان بغير عرفة انتهى.
قلت: لعل هذا على القول بأن العصر تشارك الظهر في جميع وقتها بعد مضي أربع ركعات من الزوال كما حكاه في التوضيح ونصه: وفي المسألة قول آخر ذكره ابن يونس وغيره عن ابن القصار: إن وقت العصر بعد مضي قدر أربع ركعات من الزوال فيشترك في ذلك الظهر والعصر إلى أن يبقى قدر أربع ركعات قبل الغروب فيختص بالعصر. قال: وكذلك العشاء تشارك المغرب بعد مضي قدر ثلاث ركعات ثم لا تزال إلى أن يبقى أربع ركعات قبل الفجر فيختص ذلك بالعشاء انتهى. وقد ذكر ابن رشد في المقدمات في فصل الجمع عن أشهب نحوه. وقال: اتفق مالك وجميع أصحابه على إباحة الجمعة بين المشتركتي الوقت لعذر السفر والمرض والمطر في الجملة على اختلاف بينهم في ذلك على التفصيل، واختلفوا في إباحة الجمع بينهما لغير عذر فالمشهور أن ذلك لا يجوز. وقال أشهب: ذلك جائز على ظاهر حديث ابن
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست