القاضي يعني ما تقدم من نصب العود، فهذا المتعارف عند أهل الشرع وما عداه أضربوا عنه، لأن علم والأسطرلاب يدق وقد يؤدي النظر فيه إلى النظر في علم النجوم الذي يكرهه المشرعون، وما سواه مما ذكرناه عن المتقدمين عسير مطلبه صعب مرامه، والتعليم الحسن ما اشترك في إدراكه والإحاطة به البليد والفطن انتهى. وقال في الذخيرة: قد يعلم الزوال من غير زيادة الظل بأن يخرج خطا على وجه الأرض مسامتا لخط الزوال في السماء بالطرق المعلومة عند أرباب المواقيت، فتضع فيه قائما فعند الزوال يخرج ظل القائم من الخط من غير زيادة الظل خصوصا في الصيف فهو أول الوقت الاختياري انتهى، قلت: قوله: من غير زيادة ظل الزوال يعني من غير أن يراقب زيادة الظل وإلا فلا يمكن أن يخرج الظل عن الخط إلا بعد شروعه في الزيادة. وقال بعده في فصل وقت صلاة العصر: ويعرف الظهر بأن تضرب وتدا في حائط تكون الشمس عند الزوال، فإذا زالت الشمس انظر طرف ظل الوتد واجعل في يدك خيطا فيه حجر مدلي من أعلى الظل، فإذا جاء الخيط على طرق الظل فخط مع الخيط خطا طويلا فإنه يكون خط الزوال أبدا، فمتى وصل ظل ذلك الوتد إليه فقد زالت الشمس، لكن في الشتاء يصل إليه أسفل وفي الصيف فوق.
قلت: وهذا الذي ذكره إذا كان الوتد معوجا ولم يضرب في الحائط على استقامة بحيث إن ظله خارج عنه يمينا أو شمالا، وأما وإذا كان مستقيما وظله تحته فتخط الخط على ظله، ولا بد أن تعرف الزوال في اليوم الذي تضرب فيه الوتد بغير هذه الطريق. وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة بعد أن ذكر أنه يعرف الزوال بعود كما تقدم قال الغزالي: ولا بأس بالميزان وكرهه ابن العربي لأنه ليس من فعل السلف وقال: إنما كانوا يعرفون ذلك بظل الجدار وظل الانسان أو غيره. وقال المازري: يكره الأسطرلاب واختلف في علة الكراهة انتهى.
قلت: تقدم كلام المازري وليس فيه تصريح بالكراهة بل ذكر أن ذلك طريق لمعرفته، ولكن لم يذكره الفقهاء إما لصعوبته أو لأنه يؤدي إلى النظر في النجوم فتأمله. وأما ابن العربي فلم أقف على كلامه في ذلك. نعم قال في العارضة لما تكلم على وقت صلاة الصبح: اتفق العلماء على التغليس بها أفضل لكن إنما التغليس المستحب عند إسفار الفجر وبيانه للابصار، ومن صلى بالمنازل قبل تبيينه فهو مبتدع فإن أوقات الصلوات إنما علقت بالأوقات المبينة للعامة والخاصة والعلماء والجهال، وإنما شرعت المنازل ليعلم بها قرب الصباح فيكف الصائم ويتأهب المصلي حتى إذا تبين الفجر الذي علق به الوقت صلى انتهى. وقال ابن المنير في كتابه المسمى بتيسير المقاصد لأئمة المساجد: ووقت الصبح بطلوع الفجر المعترض الذي يسد الأفق ولا يعتمد على المنازل إلا تقريبا، فإذا ظهر له توسط المنزلة تربص حتى يرى البياض، فإن كان غيم انتظر قدر ما يعلم أنه لو كان صحو الظهر الفجر ويحتاط ولا يعجل وميزان الشمس قطعي انتهى. وقال القرافي في الفرق الثاني والمائة: جرت عادة المؤذنين وأرباب المواقيت أنهم إذا