الثاني: إذا قلنا: لا يحكيه في الفريضة فالظاهر أن ذلك مكروه. قال في الطراز: وهل يحكيه بعد فراغه من الصلاة؟ الظاهر أنه يحكيه كما يرد المؤذن السلام بعد فراغه انتهى. وجزم به في الذخيرة فقال: قال صاحب الطراز: إذا قلنا: لا يحكيه في الفريضة حكاه بعد فراغها انتهى والله أعلم.
الثالث: عورضت هذه المسألة بما في كتاب الاعتكاف أن المعتكف لا يصلي على جنازة وإن انتهى إليه زحام المصلين. وفرق عبد الحق في تهذيب الطالب بأن صلاة الجنازة فرض كفاية فلم يسغ له أن يدخل نفسه في عمل لا يتوجه عليه بعينه، وحكاية المؤذن تلزم كل أحد في خاصته، وبأن الحكاية ذكر وهي من جنس ما يفعله في صلاته، وصلاة الجنائز ليست من جنس ما المعتكف فيه، وبأن الحكاية أمر قريب يسير، وأمر الجنازة يطول الاشتغال فيه. انتهى بالمعنى من الشيخ أبي الحسن. وعارض الشيخ أبو الحسن أيضا هذه المسألة بقوله في المدونة: إن المصلي إذا عطس لا يحمد الله فإن فعل ففي نفسه. وقال: انظر ما الفرق بينهما، ونقله ابن ناجي ولم يذكروا له فرقا فتأمله.
الرابع: قال المشذالي في حاشية المدونة: قال ابن المنبر في شرح البخاري: إذا قلنا:
يحكي في الفرض فلو كان الاذان للصلاة التي هو فيها وقد أذن لها فهل يشرع له أن يقول مثله أو لا؟ والظاهر لا، لأن من أذن لتلك الصلاة فقد أتى بالأكمل فلا معنى لطلب العوض ممن أتى بالمعوض. قال المشذالي. قلت: لا خفاء في ضعف هذا التعلل لأن المزايا الشرعية لا غاية لها انتهى. قلت: هذا يري على الخلاف الذي ذكر ابن ناجي عن التادلي في المؤذن هل يحكي مؤذنا غيره أم لا والله أعلم. ص: (وأذان فذ إن سافر) ش: الفذ المنفرد والأصل في ذلك ما رواه مالك في الموطأ من حديث عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبي سعيد الخدري أنه قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله (ص). ورواه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ. وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال.