مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٦٩
الحديث وهو ما نقله ابن فرحون في الألغاز عن ابن العربي في باب التيمم ونصه فإن قلت:
أرض طاهرة مباحة مسيرة خمسة أميال لا يجوز التيمم منها. قلت: هي أرض ديار ثمود نص ابن العربي في أحكامه على أنه لا يجوز التيمم منها. الثاني: قال ابن حجر: سئل شيخنا الامام البلقيني من أين علمت البئر التي كانت تردها الناقة؟ فقال: بالتواتر إذ لا يشترط فيه الاسلام انتهى. قال ابن حجر: والذي يظهر أن النبي (ص) علمها بالوحي فيحمل كلام الشيخ على من يجئ بعد ذلك انتهى. الثالث: قال النووي في شرح المهذب: استعمال هذه الآبار في طهارة وغيرها مكروه أو حرام إلا لضرورة شرعية، فظاهره أنه إذا اضطر للوضوء بها جاز، واقتصر جماعة من الشافعية على كراهة استعمال هذه الآبار. وقال ابن أبي شريف من الشافعية عن الزركشي في الخادم: ويلحق بها كل ماء مغضوب عليه كماء ديار قوم لوط وماء ديار بابل لحديث أبي داود أنها أرض ملعونة، وماء بئر ذروان التي وضع فيها السحر للنبي (ص)، وماء بئر برهوت وهي بئر باليمن لحديث ابن حبان شر بئر في الأرض برهوت انتهى. وبابل هي المذكورة في سورة البقرة وهي بالعراق. وبئر ذروان بفتح الذال المعجمة وسكون الراء هي بالمدينة. وبئر برهوت بفتح الموحدة وسكون الراء وهي بئر عميقة بحضر موت لا يستطاع النزول إلى قعرها والله أعلم. ودخل في حد المطلق الماء العذب ولا أعلم في جواز التطهير به خلافا في المذهب، وكلام ابن رشد في المقدمات وغيره يدل على نفي الخلاف في ذلك، ونقل ابن حجر في فتح الباري عن ابن التين أنه نقل عن ابن حبيب منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم.
قلت: تعليله بأنه مطعوم يقتضي أنه أراد العذب وهو غير معروف في المذهب، وكلام ابن حبيب في الواضحة يقتضي خلافه فإنه قال: ولا تبيح اليوم الاستنجاء بالحجارة إلا لمن لم يجد الماء لأنه أمر قد ترك وجرى العمل بخلافه انتهى. فقوله: إلا لمن لم يجد الماء شامل للعذب وغيره. نعم قال الجزولي في شرح قول الرسالة: ومن استجمر بثلاثة أحجار قال بعض العلماء: لا يجوز الوضوء ولا الاستنجاء بالماء العذب لأنه طعام وكتب قبله ضادا فظاهره أنه أشار بها للقاضي عياض. والذي في الاكمال وأصله للمازري في المعلم ما نصه: وشد بعض الفقهاء ولم ير الاستنجاء بالماء العذب وهذا إنما هو بناء على أنه طعام عنده والاستنجاء بالطعام ممنوع انتهى. ونقل ابن عرفة كلام المازري وقال بعده: قلت: يتخرج على رواية ابن نافع منعه بطعام إلى أجل انتهى.
قلت: ويرد هذا القول قوله سبحانه: * (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) * (الفرقان: 48) وقوله: * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * (الأنفال: 11) ولا شك أن النازل من السماء عذب والله أعلم. ولا يصح التحريم أيضا إذ لا نص ولا إجماع يقتضي أن كل ما أطلق
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست