مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٧٣
البرزلي بعد ذكره كلام عياض: وفيه نظر على ما علل في المدونة أنه ضرورة فظاهره مطلقا انتهى. والظاهر ما قاله عياض، وتحمل الضرورة التي أشار إليها في المدونة على كونه ماء مستعملا في حدث خالط الماء. قال صاحب الطراز في شرح هذه المسألة: الماء الذي ينتضح في إناء المغتسل على وجهين: ما يتطاير من جسده وما يتطاير من الأرض وكلاهما لا يضر إذا لم يتقين تطاير نجاسة. وقال ابن ناجي بعد كلامه السابق: وقال بعض شيوخنا يحمل قولها عندي بأن المراد بما انتضح من غسل الجنب ما يكون في بدنه من نجاسة، فإن إمرار يديه مع الماء للتدلك ثم ردهما إلى الاناء عفو وإن كانت النجاسة في يديه وهو تأويل بعيد انتهى كلام ابن ناجي. وعادته إذا قال بعض شيوخنا يشير به إلى ابن عرفة ولم أقف على ما ذكره في كلام ابن عرفة وسيأتي إن شاء الله في آخر هذا الفصل وفي فصل فرائض الوضوء عن ابن رشد نحو ما ذكره ابن ناجي عن بعض شيوخه.
فرع: ذكر البرزلي عن ابن أبي زيد أن من توضأ على بلاط نجس وطار عليه ماء من البلاط، فإن كانت النجاسة رطبة غسل ما تطاير عليه منها إلا أن يتوالى البلل حتى يغلب على الظن أنها إنما تمت وذهبت. ص: (أو كثير خلط بنجس لم يغير) ش: يعني أن الماء الكثير إذا خالطه شئ نجس ولم يغيره فإنه باق على طهوريته ويعلم قدر الكثير من تحديد القليل الآتي.
ثم إن هذا الكثير إن اتفقت الأمة على أنه كثير فلا خلاف في طهوريته، سواء خلط بنجس أو طاهر كما قال المصنف في التوضيح، وإن كان مختلفا في كونه كثيرا فذكر ابن عرفة فيه طرقا: الأولى: أنه هور ولو خلط بنجس اتفاقا عزاها للأكثر. الثانية: أنه طهور وشذت رواية ابن نافع يعني في أنه غير طهور وعزها لابن رشد. الثالثة: كراهته وعزاها لابن زرقون وأشار لها التونسي. وظاهر كلام ابن عرفة أن الطرق جارية في الكثير مطلقا ولو اتفقت الأمة على كثرته وهو بعيد فينبغي أن يحمل كلامه على غيره كما ذكرناه عن التوضيح، بل لا ينبغي أن تجعل رواية ابن نافع ناقضة للاتفاق، فقد قال ابن رشد في شرحها في سماع موسى من كتاب الطهارة، هذه رواية مائلة خارجة عن الأصول فإنه حكم للماء الكثير بحكم النجس بحلول النجاسة فيه، وفهم من كلام المصنف بالأحروية أن المخالط الطاهر لا أثر له والله أعلم. ص:
(أوشك في مغيره هل يضر) ش: يعني أن الماء إذا تغير وشك في الذي غيره هل هو مما يسلبه الطهورية أو مما لا يسلبه الطهورية، فالأصل بقاؤه على الطهورية. وعزا الشارح والمصنف في التوضيح هذا الفرع للمازري هو في المدونة لكنه أخل به البراذعي، بل كلامه فيه يوهم غير
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست