مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٧٠
عليه اسم الطعام امتنع التطهر به والله أعلم. ودخل في حد المطلق أيضا جميع المياه المكروهة الآتي ذكرها. وإنما أطلت في هذا المحل لأني لم أر من استوفى الكلام على ذلك والله الموفق لا رب غيره ص: (وإن جمع من ندى) ش: لما عرف الماء المطلق بما تقدم نبه على قيود وأحوال تعرض للمطلق لا تسلبه وصف الاطلاق أعني الطهورية، لكن منها ما لا يسلبه الطهورية ولكنه يقتضي كراهة استعماله، وهذا القسم يذكره بعد هذا في قوله: وكره ماء مستعمل إلى آخره.
ومنها ما لا يسلبه الطهورية ولا يقتضي كراهة استعماله وهي التي نبه عليها بقوله: وإن جمع من ندى إلى قوله: بمطروح ولو قصدا. ولما كان في صدق حد المطلق على كثير منها نوع خفاء كالماء المشكوك في مغيره وما بعده، أتى بها بلفظ الإغياء تنبيها على بعدها من حد المطلق وإن ساوته في الحكم. والضمير في جمع وذاب وما بعدهما عائد على المطلق، وجوز بعضهم عوده على ما في قوله: ما صدق عليه اسم ماء بلا وفيه بعد. وقوله: من ندى بالقصر والتنوين، والندى في اللغة المطر والبلل والمراد به هنا ما ينزل على الأرض وأوراق الشجر من الليل، وقد نص مالك في المجموعة على أنه يتوضأ بما يجتمع من الندى ولا يتيمم إن وجد ذلك. قال في باب التيمم من النوادر ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن لم يجد الماء أيتوضأ بالندى أم يتيمم؟ قال: يتيمم إلا أن يجمع من الندى ما يتوضأ به انتهى.
وقال سند: قال مالك في المجموعة فيما يجتمع من الندى أنه يتوضأ به انتهى. ونقله اللخمي وتقدم أن الإضافة في ماء بيانية فلا يرد على حد المطلق. ص: (أو ذاب بعد جموده) ش: الجمود بضم الجيم مصدر جمد الشئ ضد ذاب ويعني أن الماء المطلق لا فرق بين أن يكون مائعا من أصله أو يكون جامدا ثم ذاب بعد ذلك، وسواء ذاب بنفسه أو ذوب قاله الشيخ زروق في شرح الرسالة وهو ظاهر، سواء كان ثلجا أو بردا، ذاب بموضعه أو بغير موضعه. قال ابن فرحون في شرحه على ابن الحاجب نقلا عن التلمساني قال: لا خلاف في طهورية الماء الذائب في محله. قال البساطي في المذهب: إنه لا خلاف في ذلك، وكذلك الملح إذا ذاب بموضعه. وصرح بعضهم بأنه لا خلاف في هذا كله وهو ظاهر كلامه في المقدمات. وحكى فيها أن الملح إذا ذاب في غير موضعه ثلاثة أقوال، ففرق في الثالث بين أن يكون جموده بصنعة فلا يتطهر به، أو بلا صنعة فيتطهر به، ونصه الأصل في المياه كلها الطهارة والتطهير: ماء السماء وماء البحر وماء الأنهار والعيون والآبار عذبة كانت أو مالحة، كانت على أصل مياعتها أو ذابت بعد جمودها إلا أن تكون جامدة فتذوب في غير موضعها بعد أن كانت ملحا فانتقلت عنه، فلأصحابنا المتأخرين في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أنه على
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست