الأصل لا يؤثر فيها جمودها، والثاني أن حكمها حكم الطعام فلا يتطهر بها وينضاف بها ما غيرته في سائر المياه، والثالث إن كان جمودها بصنعة أثر وإلا فلا انتهى. قال البساطي بعد أن ذكر هذه الأقوال: فإن حمل كلام المصنف على العموم فيكون قد شهر القول بالطهورية، ويمكن أن يقال: إنه لم يرد الملح انتهى..
قلت: الظاهر حمل كلام المصنف على العموم لان القول الأول هو المشهور لأنه سيأتي في الماء المتغير بالملح أنه طهور على المشهور، وقد سوى في المقدمات بين الفرعين وبهذا القول صدر في الشامل فقال: أو جامدا فذاب ولو ملحا في غير محله. وثالثها إن كان بغير علاج وإلا فكالطعام انتهى. وصرح في الشرح الصغير بأنه المشهور.
فرع: إذا ذاب البرد ونحوه فوجد في داخله شئ طاهر أو نجس من لواحق الأرض فهل حكمه حكم ما وقع فيه ذلك؟ قال البساطي في المغني: لم أر فيه نصا والظاهر أنه مثله انتهى.
قلت: وما قاله ظاهر والله أعلم. ص: (أو كان سؤر بهيمة أو حائض أو جنب) ش:
السؤر - بضم السين المهملة وسكون الهمزة وقد تسهل - بقية شرب الدواب وغيرها، ويقال أيضا في بقية الطعام، هكذا فسره أهل اللغة والمحدثون والفقهاء. وقال النووي في شرح المهذب: سؤر الحيوان مهموز وما بقي في الاناء بعد شربه أو أكله، ومراد الفقهاء بقولهم سؤر الحيوان طاهر أو نجس لعابه أو رطوبة فمه انتهى.
قلت: الذي يظهر من كلام أصحابنا وأصحابهم أن السؤر بقية شرب الحيوان إلا أن يكون مراد النووي أنهم إنما يحكمون بطهارة بقية الشرب أو نجاسته لطهارة لعاب الحيوان أو نجاسته فتأمله. والمعنى أن الماء المطلق لا يضره كونه سؤر بهيمة أو حائض أو جنب، فأما سؤر البهيمة فاختلف فيه فقال في المدونة: يجوز الوضوء بسؤر الدواب وهو وغيره سواء. قال اللخمي في سماع ابن وهب: في الوضوء بفضل الحمار والبغل والفرس وغير ذلك من الدواب غيره أحب إلي منه ولا بأس به إن اضطر إليه انتهى. ومشى المصنف على ظاهر المدونة وأشار بالمبالغة لرواية ابن وهب. وظاهر إطلاق المصنف أن سؤر البهيمة طاهر بلا كراهة ولو كانت تأكل أرواثها. قال سند: وذلك على وجهين: إما أن تكون تعبث بذلك في بعض الأحيان أو تكون جلالة، فالأولى قال ابن القاسم: أكثر الدواب يفعل ذلك فلا بأس به ما لم ير في أفواهها ذلك عند شربها. وحكى ابن حبيب أن بعض العلماء كرهه. وأما الجلالة فهي كالدجاج المخلاة أي فيكره الوضوء بسؤرها كما سيأتي. فأما الأولى فهي داخلة في إطلاق