المصنف هنا جريا على قول ابن القاسم، وقد رجحه ابن الإمام وغيره. وأما سؤر الجلالة فهو وإن كان داخلا في كلامه من حيث إنه ماء مطلق كما سبقت الإشارة إلى ذلك، لكنه له حكم يخصه وهو الكراهة فتأمله. وأما سؤر الحائض والجنب فلا خلاف في طهارته إذا لم يكن في أفواههما نجاسة، وإنما نبه عليه لئلا يتوهم عدم طهارته كما قيل ذلك في فضلة طهارة الحائض على ما ذكره الشارح. ص: (أو فضلة طهارتهما) ش: يعني أن الماء الذي يفضل من طهارة الحائض والجنب طاهر مطهر لأنه داخل في حد المطلق. قاله في الام وصرح به غير واحد من أهل المذهب، ولم يذكر البراذعي فضلة طهارة الحائض. وذكر الشارح في الوسط والكبير قولا بأنه لا يتطهر بفضل طهور الحائض قال: ولا يبعد جريه في فضل طهارة الجنب.
قلت: ولم أقف على هذا القول في المذهب وإنما ذكره صاحب الطراز والقاضي عياض في الاكمال والنووي عن أحمد بن حنبل في أحد قوليه، أن الرجل لا يجوز له أن يتطهر بفضل طهور المرأة إذا خلت به، وردوا عليه لأنه لا تأثير لخلوتها به. ونص في الارشاد على أنه يتطهر بفضل طهور الحائض ولو خلت به، وحمل ابن رشد في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة لأهل العلم فوضوء المرأة بفضل وضوء الرجل وعكسه، سواء شرعا جميعا أو غاب أحدهما على الماء، وسواء كان فضلة حائض أو جنب أو غيرهما خمسة أقوال: أحدها قول مالك وجميع أصحابه أنه يجوز وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة وعكسه لا خلاف بينهم في ذلك، والثاني لا يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه مطلقا، والثالث تتوضأ المرأة بفضل الرجل لا عكسه، والرابع يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه إذا شرعا جميعا، الخامس يتوضأ أحدهما بفضل صاحبه ما لم يكن الرجل جنبا والمرأة حائضا أو جنبا انتهى باقتصار والله أعلم.
فرع: قال عياض في الاكمال: ولم يختلف في تطهير الرجل والمرأة جميعا من إناء واحد. وحكى النووي على جواز ذلك الاجماع قال: وكذا تطهير المرأة بفضل الرجل جائز بإجماع.
قلت: وفيما ذكره من الاجماع نظر لنقل ابن رشد الخلاف في ذلك كما ذكرنا.
فرع: قال في المدونة: ولا بأس بما انتضح من غسل الجنب في إنائه ولا يستطيع الناس الامتناع من هذا. قال ابن ناجي قال عياض: ظاهره ما ينتضح من غسل الجنب من الأرض وعليه حمله الناس، وهذا إذا كان المكان طاهرا أو منحدرا لا تثبت فيه نجاسة، وإن لم يكن كذلك وكان يبال فيه ويستنقع الماء فهو نجس وينجس ما طار منه من رش الماء انتهى. وقال