مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٨
بعض فضلاء أصحابنا: وكذلك لو ذكرها قبل الصلاة أعاده لها انتهى. وما ذكره عن بعض أصحابه جزم به سند على أنه المذهب. قال في شرح المسألة المذكورة: فلو أنه لما فرغ من تيممه للأولى ذكر الثانية قبل أن يصلي الأولى، فإن كانت الثانية حكمها في الترتيب بعد الأولى صلى الأولى ثم تمم للثانية فصلاها، وإن كانت الثانية حكمها في الترتيب قبل الأولى لم يجزه أن يصليها بذلك التيمم لأنه لم يقصدها به، فإن فعل أعاد أبدا. وقاله ابن حبيب انتهى.
ونقله ابن يونس ونحوه لابن رشد في المقدمات قال فيها: من ذهب إلى أن الأصل إيجاب الوضوء لكل صلاة أو التيمم عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله بظاهر الآية، وأن السنة خصصت من ذلك الوضوء وبقي التيمم على الأصل، فلا يصح عنده صلاتان يتيمم واحد وإن اتصلتا ونواه لهما ولا صلاة بتيمم نواه لغيرها، ولا صلاة بتيمم نواه لها إذا صلى به غيرها، أو تراخى عن الصلاة به اشتغالا بما سواها، فإن فعل شيئا من ذلك وجبت عليه الإعادة في الوقت وغيره، وهو ظاهر ما في المدونة ونص رواية مطرف وابن الماجشون عن مالك.
ويجئ على هذا المذهب أن طلب الماء أو طلب القدرة على استعماله شرط في صحة التيمم لكل صلاة عند القيام إليها انتهى، ولا معارضة بين ما ذكره في المدونة وشروحها وفي المقدمات، وبين ما قاله في التوضيح ونقله الباجي وابن عرفة، لان كلام المدونة وشروحها فيما إذا تيمم لفعل معين فلا يفعل به فرضا، لان التيمم للفرض لا يكون إلا بعد دخول وقته متصلا به، ودخول وقت الفائتة إنما يكون بتذكرها كما صرح به في الجواهر في هذا الباب. ولا يكون إلا عند الحاجة إلى فعلها وذلك عند تذكرها والقيام إلى فعلها كما تقدم في كلام ابن رشد وكلام صاحب التوضيح ومن معه فيما ينويه المتيمم. فالمشهور أنه يستحب له تعيين الفعل المستباح، فإن لم يعين فعلا أصلا، وذلك بأن ينوي استباحة ما يمنعه الحدث، فله أن يفعل به ما شاء بشرط أن يكون متصلا، وإن أراد فرضا قدمه على غيره. وهذا في الحقيقة كمن عين لما نوى استباحة الجميع، ولا يصح أن يكون المراد بكلامهم أن ينوي استباحة بعض ما يمنعه الحدث من غير تعيين ثم يفعل واحدا منها وهذا واضح والله أعلم.
تنبيه: قال ابن فرحون: قال الشيخ تقي الدين: قول ابن الحاجب ينوي استباحة الصلاة يحتمل أن يريد الصلاة التي يريد فعلها من فرض أو نفل ويحتمل أن يريد استباحة مطلق الصلاة، والأول هو الذي ينبغي أن يحمل عليه لأنه إذا نوى مطلق استباحة الصلاة فيه نظر، وهو أن مطلق الصلاة محمول على الفرض والنفل، والفرض يحتاج إلى نية تخصه فيكون كمن نوى النفل فلا يجزئه الفرض بذلك التيمم، فلا يحمل اللفظ عليه بل يحمل على معنى صحيح بلا شبهة ولا خلاف وهو ما تقدم انتهى. وهو ظاهر إذا كانت نيته استباحة مطلق الصلاة إما فرضا أو نفلا، أما لو نوى استباحة الصلاة فرضها ونفلها صح كما تقدم والله أعلم.
فرع: قال ابن فرحون أيضا عن الشيخ تقي الدين: ذكر ابن الحاجب في نية الوضوء
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست